وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ). (١)
إنّ الإمعان في هذه الآيات يثبت انّ المنكرين للمعاد كانوا من الأشراف والأعيان الذين يعبّر عنهم القرآن بالملأ ، وكانوا ينكرون المعاد لدافعين :
الأوّل : الدافع النفسي ، وهو الترف والرفاه كما يعرّفهم قوله سبحانه : ( وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ومن الواضح انّ الإيمان بالمعاد يحدَّ من ترفهم ويضع قيوداً لروحهم ورواحهم.
الثاني : الدافع السياسي ، وهو توطيد سلطانهم وحفظ نفوذهم فراحوا يخاطبون من يخضع لسياستهم ونفوذهم بالقول ( أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ).
ويشير في آية أُخرى إلى أنّ ما يطرحه هؤلاء من الشبهات تعد واجهة لما يكنّون من الدوافع ، وهو تكذيب الأنبياء ، ولولا التكذيب لخضعوا للحق ، يقول سبحانه :
( أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ * بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ ). (٢)
فالآية تطرح شبهاتهم في صدرها ( وسيوافيك بيانها ) ولكن تعود وتؤكد على أنّ الدافع الحقيقي شيء آخر وهو ( بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ).
وقد تكرّر ذلك في آية أُخرى ، قال سبحانه : ( وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ
__________________
١. المؤمنون : ٣٣ ـ ٣٨.
٢. ق : ٣ ـ ٥.