وغضبه محددة ، وأمّا لو تعلّقت به بعد تحديدها وتعديلها فسيكون نقصاً للنفس الحيوانية وسيراً نزوليّاً لها.
وبعبارة أُخرىٰ : إمّا أن تتعلّق النفس الحيوانية بالبدن الإنساني بما لها من التعيّنات والخصوصيات ، فهذا يوجب انحطاط الإنسان ، وإمّا أن تتعلّق به منعزلة عن القوى الحيوانية ، فقد فقدت حيوانيتها وكمالها عندما تعلّقت بالبدن الإنساني.
وعلىٰ كلّ حال فأصحاب ذلك القول أصابوا في المدعىٰ وأخطأوا في التخطيط ، فانّ النفس تمر عبر قنوات النباتية والحيوانية والإنسانية لكن لا بمدارج منفصلة وتعينات مختلفة ، بل النباتية بكمالها لا بحدودها تنقلب إلى الحيوانية ، وهي بكمالها لا بحدودها تصير إنساناً ، كما هو الحال في القول بالحركة الجوهرية ، فانّ المتحرك يتحرك من مرحلة نازلة إلىٰ مرحلة كاملة ، وعندما يصل إليها يحمل كمالات المرحلة الأُولىٰ لا بحدودها ، وهكذا الحال في الإنسان ، فالنفس النباتية بكمالها تتحرك إلى الحيوانية وهي أيضاً بكمالها لا بحدودها تصير إلى الإنسانية.
إلى هنا تمّ ما يرجع إلى التناسخ ، وقد علمت انّ التناسخ بأقسامه الثلاثة باطل ، غير أنّ التناسخ له أقسام مختلفة وأُصول الأقسام ما ذكرنا.
يقول الشهرزوري عند شرحه لحكمة الإشراق : ويسمّون انتقال النفس من البدن الإنساني إلى بدن إنساني آخر « نسخاً » وإلى بدن حيواني « مسخاً » وإلى البدن النباتي « فسخاً » وإلى الجمادي « رسخاً » ، وصاحب أخوان الصفا يميل إلى جواز انتقال النفوس إلىٰ جميع هذه الأجسام مترددة فيها أزماناً طويلة أو قصيرة إلىٰ أن تزول الهيئات الرديئة ثمّ تنتقل منها إلى العالم الفلكي الخيالي. ومن أراد الوقوف على صنوفه الكثيرة فعليه الرجوع إلىٰ شرح حكمة الإشراق. (١)
__________________
١. شرح حكمة الإشراق : ٥١٩ ـ ٥٢٠.