كمالاتها وفعلياتها ، أو تتعلّق بحذفها وسلبها عن نفسها.
أمّا الصورة الأُولى فهي غير معقولة ، لأنّه يشترط في تدبير النفس للبدن وجود الانسجام الكامل بينهما وهو مفقود في النفس التي رافقت البدن طيلة ٤٠ سنة وتعلّقت بخلية ليس لها من الفعلية سوى كونها قوة للكمال ، فكيف تكون تلك النفس مدبرة لها ؟
وأمّا الصورة الثانية : فهي أيضاً كالصورة الأُولىٰ ، لأنّ سلب تلك الكمالات رهن عامل داخلي أو خارجي ، أمّا الداخلي فهو غير ممكن إذ معنىٰ ذلك انّ الحركة من الكمال إلى النقص خصيصة الشيء وهو غير متصوّر.
وأمّا الخارجي فهو أيضاً كالأوّل ، لأنّ عنايته سبحانه تعلّقت بإرسال القوى إلى الكمال وإيصال كلّ ممكن إلىٰ غايته المنشودة ، لا سلب الكمالات والفعليات عنه.
وهذا هو الذي أشار إليه صدر المتألّهين في كلام مبسّط وما ذكرناه هو حصيلة مراده ، حيث قال : العمدة في بطلان التناسخ علىٰ جهة النزول ، أنّ الموجودات الصورية كالطبائع والنفوس متوجهة نحو غاياتها الوجودية خارجة عمّا لها من القوة الاستعدادية إلى الفعلية ، والنفس مادامت في بدنها يزيد بجوهرها وفعليتها فيصير شيئاً فشيئاً أقوىٰ وجوداً وأشد تحصلاً سواء أكانت من السعداء في النشأة الأُخرىٰ أو من الأشقياء ، وقوة الوجود يوجب الاستقلال في التجوهر والاستغناء عن المحل أو المتعلّق به حتى يصير المتصل منفصلاً والمقارن مفارقاً ، فكون النفس الإنسانية حين حدوثها في البدن مجردة الذات مادية الفعل ، وعند فساد البدن بحيث صارت مادية الذات والفعل جميعاً ، كما يلزم من كلامهم في نفوس الأشقياء حيث تصير بعد فساد البدن نفساً حيوانية غير مجردة ذاتاً وفعلاً ، كما رأوه ، ممّا يحكم البرهان علىٰ فساده ، ويصادمه القول بأنّ للأشياء غايات