ومعتب بن قشير ، وأصحابهما من المنافقين ، وكانوا ثمانين رجلا ، أمر النبي صلىاللهعليهوسلم المؤمنين لما رجعوا إلى المدينة ؛ ألا يجالسوهم ولا يكلموهم فامتثلوا» (١).
وقال ـ سبحانه ـ (فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ولم يقل فإن الله لا يرضى عنهم ، لتسجيل الفسق عليهم ، وللإيذان بشمول هذا الحكم لكل من كان مثلهم في الفسوق وفي الخروج عن طاعة الله ، تعالى.
وجواب الشرط في قوله : (فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ) محذوف ، والتقدير : فإن ترضوا عنهم على سبيل الفرض ، فإن رضاكم عنهم لن ينفعهم ، لأن الله تعالى. لا يرضى عن القوم الذين خرجوا عن طاعته.
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ذكرت جانبا آخر من الأحوال القبيحة للمنافقين ، وردت على معاذيرهم الكاذبة ، وأيمانهم الفاجرة بما يفضحهم ويخزيهم ، وتوعدتهم بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة.
ثم بعد الحديث الطويل عن النفاق والمنافقين ، أخذت السورة الكريمة. في الحديث عن طوائف أخرى منها الصالح ، ومنها غير الصالح ، وقد بدأت بالحديث عن الأعراب سكان البادية ، فقال ـ تعالى ـ :
(الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧) وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٩٨) وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٩٩)
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١١ ص ٤.