على قلوبهم ، فصارت لا تفقه ما في الإيمان والجهاد من الخير والسعادة ، وما في النفاق والشقاق من الشقاء والهلاك.
وقوله ـ سبحانه ـ (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) استدراك لبيان حال الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، بعد بيان حال المنافقين.
أى : إذا كان حال المنافقين كما وصفنا من جبن وتخاذل وهوان ... فإن حال المؤمنين ليس كذلك ، فإنهم قد وقفوا إلى جانب رسولهم صلىاللهعليهوسلم فجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمة الله ، وأطاعوه في السر والعلن ، وآثروا ما عند الله على كل شيء في هذه الحياة ...
وقد بين ـ سبحانه ـ جزاءهم الكريم فقال : (وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ) أى : أولئك المؤمنون الصادقون لهم الخيرات التي تسر النفس ، وتشرح الصدر في الدنيا والآخرة (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بسعادة الدارين.
«أعد الله» ـ تعالى ـ لهؤلاء المؤمنين الصادقين «جنات تجرى من» تحت ثمارها وأشجارها ومساكنها «الأنهار خالدين» في تلك الجنات خلودا أبديا ، و «ذلك» العطاء الجزيل ، هو «الفوز العظيم» الذي لا يدانيه فوز ، ولا تقاربه سعادة.
وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة قد ذمت المنافقين لجبنهم ، وسوء نيتهم ، وتخلفهم عن كل خير ... ومدحت الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، الذين نهضوا بتكاليف العقيدة ، وأدوا ما يجب عليهم نحو خالقهم وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمته ـ سبحانه.
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ أحوال المنافقين من سكان المدينة ، أتبع ذلك بالحديث عن المنافقين من الأعراب سكان البادية فقال ـ تعالى :
(وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٩٠)
قال القرطبي ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) قرأ الأعرج والضحاك المعذرون مخففا ، ورواها أبو كريب عن أبى بكر عن عاصم ... وهي من