(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ)(٥٥)
روى أن بعض المنافقين قال للنبي صلىاللهعليهوسلم عند ما دعاهم إلى الخروج معه إلى تبوك : ائذن لي في القعود وهذا مالي أعينك به ، فنزل قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ..).
والمعنى : قل يا محمد لهؤلاء ؛ أنفقوا ما شئتم من أموالكم في وجوه الخير حالة كونكم طائعين ، أى : من غير إجبار أحد لكم ، أو كارهين ، أى بأن تجبروا على هذا الإنفاق إجبارا ، فلن يقبل منكم ذلك الإنفاق.
والكلام وإن كان قد جاء في صورة الأمر ، إلا أن المراد به الخبر وقد أشار إلى ذلك صاحب الكشاف بقوله.
فإن قلت : كيف أمرهم بالإنفاق ثم قال : (لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ)؟
قلت : هو أمر في معنى الخبر ، كقوله ـ تعالى ـ (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) ومعناه : لن يتقبل منكم أنفقتم طوعا أو كرها ، ونحوه قوله ـ تعالى ـ : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) وقول الشاعر.
أسيئى بنا أو أحسني لا ملومة |
|
لدينا ولا مقلية إن تقلت |
أى : لن يغفر الله لهم ، استغفرت لهم .. أم لم تستغفر لهم. ولا نلومك سواء أسأت إلينا أم أحسنت ... (١).
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٧٩.