تمهيد بين يدي تفسير السورة
١ ـ سورة الأنفال هي السورة الثامنة في ترتيب المصحف ، فقد تقدمتها سورة الفاتحة وهي مكية ، ثم جاءت بعد سورة الفاتحة أربع سور مدنية ، هن أطول السور المدنية في القرآن الكريم ، وهن سور : البقرة ، آل عمران ، النساء ، المائدة. ثم جاءت بعد هذه السور الأربع سورتان مكيتان ، وهما أطول السور المكية في القرآن ، سورتا : الأنعام والأعراف.
ثم جاءت سورة الأنفال بعد ذلك ، فكانت الثامنة في ترتيب سور المصحف.
٢ ـ وعدد آياتها خمس وسبعون آية في المصحف الكوفي ، وست وسبعون في الحجازي ، وسبع وسبعون في الشامي.
٣ ـ وقد سميت سورة الأنفال بهذا الإسم ، لحديثها عن الأنفال أى الغنائم في أكثر من موضع.
وقد أطلق عليها بعض الصحابة سورة بدر ، فقد أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير أن ابن عباس سئل عنها فقال : تلك سورة بدر (١).
٤ ـ وسورة الأنفال كلها مدنية ، وممن قال بذلك : زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وعطاء بن أبي رباح والحسن ، وعكرمة.
قال صاحب المنار : وقيل إنها مدنية إلا آية (٦٤) وهي قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فقد روى البزار عن ابن عباس أنها نزلت لما أسلم عمر بن الخطاب ، فعلى هذا وضعت في سورة الأنفال وقرئت مع آياتها التي نزلت في التحريض على القتال في غزوة بدر لمناسبتها للمقام ، وروى عن مقاتل استثناء قوله ـ تعالى ـ (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ) ... «الآية (٣٠) ؛ لأن موضوعها ائتمار قريش بالنبي صلىاللهعليهوسلم قبيل الهجرة ، بل في الليلة التي خرج فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع صاحبه أبى بكر بقصد الهجرة وباتا في الغار ، وهذا استنباط من المعنى ، وهو استنباط يرده ما صح عن ابن عباس من أن الآية نفسها نزلت في المدينة.
وزاد بعضهم استثناء خمس آيات أخرى بعد هذه الآية ، وهي قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا) .. إلى قوله : (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) «الآيات من
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٩ ص ١٥٧.