ومن هنا قال الحنابلة وداود وأهل الظاهر لا مانع من أن يقول آخذ الزكاة : اللهم صل على آل فلان.
وقال باقى الأئمة لا يجوز أن يقال : اللهم صل على آل فلان ، وإن ورد في الحديث ، لأن الصلاة صارت مخصوصة في لسان السلف بالأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ ، كما أن قولنا : ـ عزوجل ـ صار مخصوصا بالله ـ تعالى ـ.
قالوا : وإنما أحدث الصلاة على غير الأنبياء مبتدعو الرافضة في بعض الأئمة ، والتشبه بأهل البدع منهى عنه.
ولا خلاف في أنه يجوز أن يجعل غير الأنبياء تبعا لهم فيقال : اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته .. لأن السلف استعملوا ذلك ، وأمرنا به في التشهد ، ولأن الصلاة على التابع تعظيم للمتبوع ..» (١).
وقوله : (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أى : سميع لاعترافهم بذنوبهم وسميع لدعائك سماع قبول وإجابة ، وعليم بندمهم وتوبتهم ، وبكل شيء في هذا الكون ، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
ثم حرضهم ـ سبحانه ـ على التوبة النصوح ، وحثهم على بذل الصدقات فقال : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ ...).
أى : ألم يعلم هؤلاء التائبون من ذنوبهم ، أن الله ـ تعالى ـ وحده ، هو الذي يقبل التوبة الصادقة من عباده المخلصين ، وأنه ـ سبحانه ـ هو الذي «يأخذ الصدقات».
أى : يتقبلها من أصحابها قبول من يأخذ شيئا ليؤدى بدله : فالتعبير بالأخذ للترغيب في بذل الصدقات ، ودفعها للفقراء. والاستفهام للتقرير والتحضيض على تجديد التوبة وبذل الصدقة.
وقوله : (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) تذييل قصد به تقرير ما قبله وتأكيده.
أى : وأن الله وحده هو الذي يقبل توبة عباده المرة بعد الأخرى ، وأنه هو الواسع الرحمة بهم ، الكثير المغفرة لهم :
قال ابن كثير : قوله : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ ..) هذا تهييج إلى التوبة والصدقة اللتين كل منهما يحط الذنوب ويمحقها ، وأخبر ـ تعالى ـ أن كل من تاب إليه تاب عليه ، ومن تصدق بصدقة من كسب حلال فإن الله
__________________
(١) تفسير آيات الأحكام ـ بتصرف وتلخيص ج ٣ ص ٤٨.