الإسلامية ومباحث علم الكلام في العصور المتأخرة ، وعند ما فرغ الناس من الاهتمامات الإيجابية في هذا الدين ، وتسلط الترف العقلي على النفوس والعقول. وإن وقفة أمام الدلالة الهائلة لمعية الله ـ سبحانه ـ للملائكة في المعركة ، واشتراك الملائكة فيها مع العصبة المسلمة لهى أنفع وأجدى .. (١).
وبعد فهذه أهم الأقوال التي قالها العلماء في مسألة وظيفة الملائكة في بدر ، بسطناها بشيء من التفصيل لتتضح آراؤهم فيها.
والذي نراه بعد كل ذلك : أن أقرب الأقوال إلى الصواب ، هو القول الذي ذهب أصحابه إلى أن الملائكة في بدر لم تقاتل ، وإنما كانت وظيفتهم تثبيت وتقوية عزائم المؤمنين .. وذلك لما سبق أن بيناه من أدلة وحجج ـ والله أعلم بالصواب.
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ بعض البشارات والنعم التي ساقها للمؤمنين الذين اشتركوا في بدر. وجه ـ سبحانه ـ نداء إليهم أمرهم فيه بالثبات في وجوه أعدائهم ، وذكرهم بجانب من مننه عليهم.
فقال ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ
__________________
(١) تفسير في ظلال القرآن ج ٩ ص ٨١٥ للمرحوم الأستاذ سيد قطب.