والخلاصة : أن من تتبع آيات القرآن الواردة في القتال يجدها جميعها تقرر أن سبب القتال في الإسلام ينحصر في رد العدوان ، وحماية الدعوة الإسلامية من التطاول عليها وتثبيت حرية العقيدة ، وتطهير الأرض من الظلم والطغيان.
٥ ـ وجوب الإنفاق في سبيل الله ، ومن أشرف وجوه الإنفاق في سبيل الله أن يبذل المسلم ما يستطيع بذله في الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام ، والذي ما تركه قوم إلا ذلوا ... وألقوا بأنفسهم في التهلكة.
ولقد بشرت الآية الكريمة المنفقين في سبيل الله ، بأنه ـ سبحانه ـ سيجازيهم على إنفاقهم جزاء وافيا لا نقص معه ولا ظلم.
قال ـ تعالى ـ (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) وفي الحديث الشريف الذي رواه الترمذي عن أبى يحيى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف» (١).
ثم أمر ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم بقبول السلم والمصالحة ، إذا ما رغب أعداؤه في ذلك ، وكانت ظواهرهم وأفعالهم تدل على صدق نواياهم فقال ـ تعالى ـ :
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٦٣)
وقوله (جَنَحُوا) من الجنوح بمعنى الميل ، يقال : جنح فلان للشيء وإليه ـ يجنح ـ مثلث النون ـ جنوحا. أى : مال إليه.
__________________
(١) رياض الصالحين للإمام النووي ص ٤٨٩ طبعة عيسى الحلبي.