أقوى القوة ، وأشد العدة ، وحصون الفرسان ، وبها يجال في الميدان ، لما كانت كذلك خصها بالذكر تشريفا ، وأقسم بغبارها تكريما ، فقال : «والعاديات ضبحا» (١).
وقال الإمام ابن العربي : وأما رباط الخيل فهو فضل عظيم ومنزلة شريفة.
روى الأئمة عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «الخيل ثلاثة ، لرجل ستر ، ولرجل أجر ، وعلى رجل وزر. فأما الذي هي عليه وزر فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء لأهل الإسلام ـ أى : مناوأة ومعاداة ـ فهي عليه وزر.
وأما الذي هي عليه ستر فرجل ربطها تغنيا وتعففا ، ولم ينس حق الله في ظهورها فهي عليه ستر.
وأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج أو روضة ، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب الله له عدد ما أكلت حسنات ..».
وروى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يلوى ناصية فرس بإصبعيه وهو يقول : «الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة» (٢).
٤ ـ أن المقصود من إعداد العدة في الإسلام إنما هو إرهاب الأعداء حتى لا يفكروا في الاعتداء على المسلمين ، وحتى يعيش أتباع هذا الدين آمنين مطمئنين في ديارهم ، وحتى يستطيعوا أن يبلغوا رسالة الله إلى خلقه من الناس دون أن يخشوا أحدا سواه ـ عزوجل ..
وليس المقصود بإعداد العدة إرهاب المسالمين ، أو العدوان على الآمنين ، أو القهر والإذلال للناس واستغلالهم فيما يغضب الله ـ تعالى ـ ..
ولذلك وجدنا الآية صريحة في بيان المقصود من هذا الإعداد ، وهو ـ كما عبرت عنه (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ...).
وهناك آيات أخرى صريحة في بيان سبب مشروعية القتال في الإسلام ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٣).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ، فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (٤).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٨ ص ٣٧.
(٢) أحكام القرآن ـ القسم الثاني ص ٨٦٢ لابن العربي. طبعة عيسى الحلبي. الطبعة الأولى سنة ١٩٥٧.
(٣) سورة البقرة الآية ١٩٠.
(٤) سورة البقرة : الآية ١٩٣.