إن القوة التي طلب الله من المؤمنين إعدادها لإرهاب الأعداء ، تتناول كل ما من شأنه أن يجعل المؤمنين أقوياء. كإعداد الجيوش المدربة ، والأسلحة المتنوعة التي تختلف بحسب الأزمنة والأمكنة.
وما روى من تفسير القوة ـ التي وردت في الآية ـ بالرمي ، فإنما هو على سبيل المثال ، ولأن الرمي كان في ذلك الوقت أقوى ما يتقوى به (١).
قال الفخر الرازي عند تفسيره للآية ، والمراد بالقوة هنا ما يكون سببا لحصول القوة ، وذكروا فيه وجوها :
الأول : المراد من القوة أنواع الأسلحة.
الثاني : روى أنه صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية على المنبر وقال : «ألا إن القوة الرمي» قالها ثلاثا.
الثالث : قال بعضهم : القوة هي الحصون.
الرابع : قال أصحاب المعاني : الأولى أن يقال : هذا عام في كل ما يتقوى به على حرب العدو ، وكل ما هو آلة للغزو والجهاد فهو من جملة القوة ، وقوله صلىاللهعليهوسلم : «القوة هي الرمي» لا ينفى كون غير الرمي معتبرا. كما أن قوله صلىاللهعليهوسلم «الحج عرفة» «والندم توبة» لا ينفى اعتبار غيره. بل يدل على أن هذا المذكور جزء شريف من المقصود فكذا هنا.
وهذه الآية تدل على أن الاستعداد للجهاد بالنبل ، والسلاح ، وتعليم الفروسية ، والرمي فريضة إلا أنه من فروض الكفايات (٢).
إن رباط الخيل للجهاد في سبيل الله فضله عظيم ، وثوابه كبير ، فقد كانت الخيل هي خير ما عرف العرب من وسائل الانتقال في الحرب وأسرعها ، وما زالت الخيل لها قيمتها في بعض أنواع الحروب.
قال القرطبي ، فإن قيل : إن قوله (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) كان يكفى ، فلما ذا خص الخيل بالذكر؟.
قيل له : إن الخيل لما كانت أصل الحرب وأوزارها (٣) التي عقد الخير في نواصيها ، وهي
__________________
(١) تفسير القاسمى ج ٨ ص ٣٠٢٥.
(٢) تفسير الفخر الرازي ج ١٥ ص ١٨٥ المطبعة البهية.
(٣) أوزار الحرب : أثقالها من آلة حرب وسلاح وغيره.