(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٢٨)
وقوله : (نَجَسٌ) بالتحريك ـ مصدر نجس الشيء ينجس فهو نجس إذا كان قذرا غير نظيف ، وفعله من باب «تعب» وفي لغة من باب «قتل».
قال صاحب الكشاف : النجس : مصدر. يقال نجس نجسا وقذر قذرا ، لأن معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس ، ولأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات فهي ملابسة لهم. أو جعلوا كأنهم النجاسة بعينها ، مبالغة في وصفهم بها (١).
قيل : وجوز أن يكون لفظ «نجس» صفة مشبهة ـ وإليه ذهب الجوهري ولا بد حينئذ من تقدير موصوف مفرد لفظا مجموع معنى ، ليصح الإخبار به عن الجمع. أى جنس نجس ونحوه (٢).
وقوله : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) فيه ما فيه من التعبير البديع المصور المجسم لهم ، حتى لكأنهم بأرواحهم وماهيتهم وكيانهم : النجس يمشى على الأرض فيتحاشاه المتطهرون ، ويتحاماه الأتقياء من الناس.
وقوله : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) تفريع على نجاستهم والمراد النهى عن الدخول إلا أنه عبر عنه بالنهى عن القرب مبالغة في إبعادهم عن المسجد الحرام.
والنهى وإن كان موجها إلى المشركين ، إلا أن المقصود منه نهى المؤمنين عن تمكينهم من ذلك ، والمراد بقوله : (بَعْدَ عامِهِمْ هذا) العام الذي حصل فيه النداء بالبراءة من المشركين ، وبعدم طوافهم بالمسجد الحرام .. وهو العام التاسع من الهجرة.
قال ابن كثير : أمر الله عباده المؤمنين الطاهرين دينا وذاتا بنفي المشركين الذين هم نجس دينا ـ عن المسجد الحرام ، وأن لا يقربوه بعد نزول هذه الآية. وكان نزولها في سنة تسع.
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٢٦١.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١ ص ٦٨.