نفس ، وسخاء يد ، استجابة لتعاليم دينهم.
فأنت ترى أنه ـ سبحانه ـ قد وصف هؤلاء المؤمنين بخمس صفات : الأولى والثانية والثالثة منها ترجع إلى العبادات القلبية التي تدل على شدة خشيتهم من ربهم ، وقوة تأثرهم بآيات خالقهم ، واعتمادهم عليه ـ سبحانه ـ وحده لا على أحد سواه.
والصفة الرابعة ترجع إلى العبادات البدنية ، وهي إقامة الصلاة بإخلاص وخشوع.
أما الصفة الخامسة فترجع إلى العبادات المالية ، وهي إنفاق المال في سبيل الله ولا شك أن هذه الصفات متى تمكنت في النفس ، كان صاحبها أهلا لمحبة الله ؛ ورضوانه ، ولذا مدح ـ سبحانه ـ أصحاب هذه الصفات ، وبين ما أعده لهم من ثواب جزيل فقال : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ، لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).
أى : أولئك المتصفون بتلك الصفات الكريمة هم المؤمنون إيمانا حقا (لَهُمْ دَرَجاتٌ) عالية ، ومكانة سامية (عِنْدَ رَبِّهِمْ) ولهم (مَغْفِرَةٌ) شاملة لما فرط منهم من ذنوب ، ولهم (رِزْقٌ كَرِيمٌ) في الجنة ، يجعلهم يحيون فيها حياة طيبة (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ).
وقوله (حَقًّا) منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف ، أى : أولئك هم المؤمنون إيمانا حقا.
والتنوين في قوله (دَرَجاتٌ) للتعظيم والتهويل أى : لهم درجات رفيعة ، ومنازل عظيمة ، وفي وصف هذه الدرجات بأنها (عِنْدَ رَبِّهِمْ) مزيد تشريف لهم ، ولطف بهم ، وإيذان بأن ما وعدهم به متيقن الوقوع ، لأنه وعد من كريم لا يخلف وعده ـ سبحانه ـ وفي وصف الرزق الذي أعده لهم بالكرم ، زيادة في إدخال السرور على قلوبهم ؛ لأن لفظ الكريم يصف به العرب كل شيء حسن في بابه ، بحيث يكون لا قبح فيه ولا شكوى معه.
وبذلك نرى أن أصحاب تلك الصفات الحميدة قد مدحهم الله ـ تعالى ـ مدحا عظيما ، وكافأهم على إيمانهم الحق بالدرجات العالية ، والمغفرة الشاملة ، والرزق الكريم : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
هذا ، وقد استنبط العلماء من تلك الآيات جملة من الأحكام والآداب منها :
١ ـ حرص الصحابة على سؤال النبي صلىاللهعليهوسلم عما يهمهم من أمور دينهم ودنياهم. فإن قيل : كيف تأتى لأصحابه الذين شهدوا بدرا ـ وهم من هم في عفتهم وزهدهم ـ أن يختلفوا في شأن الغنائم.
فالجواب ، ، أن بعض الصحابة المشتركين في هذه الغزوة هم الذين حدث بينهم الخلاف في