(أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(١٥)
قال الآلوسى : قوله تعالى (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً ...) تحريض على القتال بأبلغ وجه ، لأن الاستفهام فيه للإنكار ، والاستفهام الإنكارى في معنى النفي ، وقد دخل هنا على نفى ، ونفى النفي إثبات. وحيث كان الترك منكرا أفاد بطريق برهاني أن إيجاده أمر مطلوب مرغوب فيه ، فيفيد الحث والتحريض عليه. بأقوى الأدلة ، وأسمى الأساليب (١).
وقد ذكر ـ سبحانه ـ هنا ثلاثة أسباب كل واحد منها يحمل المؤمنين على قتال المشركين بغلظة وشجاعة.
أما السبب الأول فهو قوله تعالى : (نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) أى : نقضوا عهودهم وحنثوا في أيمانهم التي حلفوها لتأكيد هذه العهود.
ومن مظاهر ذلك أن هؤلاء المشركين الذين تعاهدوا معكم في صلح الحديبية على ترك القتال عشر سنين. قد نقضوا عهودهم بمساعدة حلفائهم بنى بكر على قتال حلفائكم بنى خزاعة عند أول فرصة سنحت لهم.
والسبب الثاني قوله. سبحانه. (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) والهم : المقاربة من الفعل من غير دخول فيه.
أى : وهموا بإخراج الرسول صلىاللهعليهوسلم من مكة التي ولد فيها وعاش بها زمنا طويلا .. لكنهم لم يستطيعوا ذلك ، بل خرج باختيار. وبإذن الله له في الهجرة.
وقد فصل سبحانه. ما هموا به في قوله (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٠ ص ٦٤ ـ بتصرف يسير.