أدوا الزكاة الى الخليفة كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى قال الصديق : «والله لو منعونى عناقا كانوا يؤدونه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم لقاتلتهم على منعه (١)».
والمعنى : خذ ـ أيها الرسول الكريم ـ من أموال هؤلاء المعترفين بذنوبهم ، ومن غيرهم من أصحابك «صدقة» معينة ، كالزكاة المفروضة ، أو غير معينة كصدقة التطوع.
وقوله : (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) بيان للفوائد المترتبة على هذه الصدقة.
أى : من فوائد هذه الصدقة أنها تطهر النفوس من رذائل الشح والبخل والطمع .. وتزكى القلوب من الأخلاق الذميمة ، وتنمى الأموال والحسنات قال بعضهم : قوله : «تطهرهم» قرئ مجزوما على أنه جواب للأمر. وقرئ. مرفوعا على أنه حال من ضمير المخاطب في قوله : «خذ» أو صفة لقوله «صدقة» والعائد على الأول محذوف ثقة بما بعده أى : تطهرهم بها ...
وقوله : «وتزكيهم» لم يقرأ إلا بإثبات الياء ، على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، والجملة حال من الضمير في الأمر أو في جوابه. أى : وأنت تزكيهم بها.
هذا على قراءة الجزم في «تطهرهم» ، وأما على قراءة الرفع فيكون قوله «وتزكيهم بها» معطوف على قوله «تطهرهم» حالا أو صفة (٢).
وقوله : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم أى : وادع لهم بالرحمة والمغفرة ، وقبول التوبة ، فإن دعاءك لهم تسكن معه نفوسهم ، وتطمئن به قلوبهم ، ويجعلهم في ثقة من أن الله ـ تعالى ـ قد قبل توبتهم ، فأنت رسوله الأمين ، ونبيه الكريم.
فالمراد بالصلاة هنا : الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة.
قال بعضهم : «وظاهر» قوله : «وصل عليهم» أنه يجب على الإمام أو نائبه إذا أخذ الزكاة أن يدعو للمتصدق. وبهذا أخذ داود وأهل الظاهر.
وأما سائر الفقهاء فقد حملوا الأمر هنا على الندب والاستحباب ، لأن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال لمعاذ : «أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» ولم يأمره بالدعاء ..
أما صيغة الدعاء فلم يرد فيها تعيين إلا ما رواه الستة ـ غير الترمذي من قوله صلىاللهعليهوسلم «اللهم صل على آل أبى أوفى» ـ عند ما أخذ منهم الزكاة ـ.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣٨٦.
(٢) تفسير القاسمى ـ بتصرف وتلخيص ـ ج ٨ ص ٣٢٥٢.