أى : قل يا محمد لهؤلاء المنافقين ـ أيضا ـ إنكم ما تنتظرون بنا إلا إحدى العاقبتين اللتين كل واحدة منهما أحسن من جميع العواقب ، وهما إما النصر على الأعداء ، وفي ذلك الأجر والمغنم والسلامة ، وإما أن نقتل بأيديهم وفي ذلك الشهادة والفوز بالجنة والنجاة من النار.
قال الآلوسى : والحاصل أن ما تنتظرونه بنا ـ أيها المنافقون ـ لا يخلو من أحد هذين الأمرين ، كل منهما عاقبته حسنى لا كما تزعمون من أن ما يصيبنا من القتل في الغزو سوء ، ولذلك سررتم به.
وصح من حديث أبى هريرة عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «تكفل الله ـ تعالى ـ لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله ، وتصديق كلمته أن يدخله الجنة. أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة» (١).
وقوله : (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا) بيان لما ينتظر المؤمنون وقوعه بالمنافقين.
أى : ونحن معشر المؤمنين نتربص بكم أيها المنافقون إحدى السوءيين من العواقب : إما أن يصيبكم الله بعذاب» كائن «من عنده» فيهلككم كما أهلك الذين من قبلكم ، وإما أن يصيبكم بعذاب كائن «بأيدينا» بأن يأذن لنا في قتالكم وقتلكم.
والفاء في قوله : (فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) للإفصاح.
أى إذا كان الأمر كذلك فتربصوا بنا ما هو عاقبتنا ، فإنا معكم متربصون ما هو عاقبتكم ، وسترون أن عاقبتنا على كل حال هي الخير ، وأن عاقبتكم هي الشر.
وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة ، قد حكت طرفا من رذائل المنافقين ومن مسالكهم الخبيثة لكيد الدعوة الإسلامية ، وردت عليهم بما يكبتهم ، ويفضحهم على رءوس الأشهاد.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن هؤلاء المنافقين نفقاتهم غير مقبولة ، لأن قلوبهم خالية من الإيمان.
ولأن عباداتهم ليست خالصة لوجه الله ، وأن ما ينفقونه سيكون عليهم حسرة فقال ـ تعالى ـ :
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٠ ص ١١٦.