هذا القول. مع أنه أحوط ، لأن الأمر دائر بين التخيير والتعيين ، ومقتضى الاشتغال هو الثاني. خصوصاً إذا كان
______________________________________________________
التمتع في المندوب. وأجاب عنه بالحمل على التقية. وفيه : أن الحمل على التقية إنما يكون بعد تعذر الجمع العرفي.
وتحقيق الحال : أنه لا ينبغي التأمل في أن ذيل الصحيح مختص بالندب ، لكنه لا يرتبط بصدره ولا يكون قرينة عليه ، لأنه سؤال آخر من سائل آخر. وأما ما ذكره في كشف اللثام من الإشكال ، فغاية ما يقتضي أنه مخالف لعموم ما دل على أفضلية التمتع ، ومن الجائز خروج المورد عنه. ومن هنا يظهر أن بين الصحيحتين وبين ما دل على أنه لا متعة لأهل مكة عموماً من وجه ، فإن أخذنا بإطلاق الثاني تعين حمل الصحيحتين على الندب ، وإن أدى إلى تخصيص عموم أفضلية التمتع. وإن أخذنا بإطلاق الصحيحتين تعين حمل الثاني على غير المورد ، فيختص بمن يحج وهو في مكانه. ولما لم يكن تقييد أحدهما بأسهل من الآخر تعين طرحهما والرجوع إلى دليل آخر ، وهو عموم وجوب الحج على المستطيع ، المقتضي للتخيير بين الأفراد الثلاثة ، فيتم ما هو المشهور ، كما أشار إلى ذلك في الجواهر.
ومنه يظهر الاشكال فيما ذكر في الرياض انتصاراً لابن أبي عقيل : بأنه يرجح التصرف في الصحيحين على التصرف في المعارض ، لموافقته للكتاب والسنة. فان الترجيح بذلك إنما يكون في غير العامين من وجه. ومثله ما ذكره : من أنه ـ مع تسليم التساوي ـ يرجع إلى الأصل ، المقتضي للاحتياط ، للدوران بين التعيين والتخيير. فان الرجوع إلى الأصل مع التعارض بالعموم من وجه إذا لم يكن دليل ، وهو في المقام إطلاق وجوب الحج المقتضي للتخيير ، فإنه مقدم على الأصل.