______________________________________________________
الى أن يحل بالمحلل لا يخرج عن كونه محرماً ، بخلاف الصائم فإنه إذا استعمل المفطر خرج عن كونه صائماً؟ فالصوم ترك المفطرات وفعلها نقيضه. أما الإحرام فليس هو ترك المحرمات ، فإنه لا ينتقض بفعلها ، بل بمجرد حصول سببه يحصل ويبقى للمكلف إلى أن يحل بالمحلل. فهو باق بنفسه ما لم يحصل المحلل ، والصوم باق باختيار الصائم لا بنفسه ، فما دام تاركاً يكون صومه باقياً ، فاذا استعمل المفطر انتقض.
وبذلك افترق الصوم عن الإحرام من جهة أخرى ، فإن الصوم في جميع الآنات المتالية لا بد أن يقع على وجه العبادة ، لأنه في جميع الآنات باق باختيار الفاعل ، فهو من الأمور التدريجية. والإحرام باق بنفسه فلا يحتاج في بقائه إلى نية بل هو باق بنفسه ، فهو من الأمور القارة ، نظير الأمور الإنشائية ، كالزوجية ، والرقية ، ونحوهما. فاذا عدل الصائم عن نية الصوم ونوى استعمال المفطر بطل صومه ، وإذا عدل المحرم عن إحرامه لم يبطل إحرامه. فبناء على ذلك لا يتوجه لكلام كاشف اللثام وجه ، لأن النية قبل التحلل ليست نية الإحرام ولا قصداً له ، لحصوله من الأول ، فلا معنى لقصد حصوله ، وأنه لا مجال للمقايسة بالصوم.
وأيضاً يظهر من دليل كاشف اللثام : أنه توجد قاعدة ، وهي : أن التروك لا تحتاج إلى نية بخلاف الافعال ، وظاهر المصنف (ره) موافقته على ذلك أيضاً. ولكنه غير ظاهر ، فإنه لا أصل لهذه القاعدة. نعم في تروك الصوم لا يعتبر نية القربة ، لجواز تعذر الفعل ، فإن الصائم ربما لا يتمكن من الطعام والشراب والنساء فلا يكون تركه لها حينئذ عبادياً ولا عن نية القربة. ولأجل ذلك نقول : بأن عبادية الصوم فاعلية لا فعلية ، ويكفي في وقوعه على وجه العبادة أن يكون ناوياً لترك المفطر على تقدير القدرة