أي بحالة الناطقة عند الدلالة عليه عند أخذ الميثاق عليه وقال أبو العالية ومجاهد أي أقر بالعبودية وإن كان فيهم من أشرك في العبادة كقوله (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) وقال الحسن أكره أقواما على الإسلام وجاء أقوام طائعين وقال قتادة أسلم المؤمن طوعا والكافر كرها عند موته كما قال (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) وقال الشعبي والزجاج والجبائي استسلم له بالانقياد والذلة كما قال (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) وقال الفراء والزهري لأن فيهم من أسلم ابتداء رغبة في الإسلام ومنهم من أسلم بعد أن قوتل وحورب.
قوله سبحانه :
(قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) هذه الآية لا توجب السفسطة والتشكيك في المشاهدات لأنه يجوز أن يكون التقليل في أعين المؤمنين بأن يظنونهم قليلي العدد لا أنهم أدركوا بعضهم دون بعض لأن العلم بما يدركه مفصلا ولهذا إذا رأينا جيشا كثيرا أو جمعا عظيما يدرك جميعهم ويتبين أطرافهم ومع هذا يشك في أعدادهم حتى يقع الخلف بين الناس في حرز عددهم وقال ابن عباس والفراء رأى المسلمون المشركين مثليهم في الحرز ستمائة وكان المشركون تسع مائة وخمسين.
قوله سبحانه :
(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) لا ينافي الآية المتقدمة لأن الأول حجة عليهم والثانية للمسلمين قال الفراء هذا كما يقول إني لأريكم قليلا أي يهونون على أن لا أرى الثلاثة اثنين وقيل تقليل الكفار في أعين المؤمنين بأن يكون أقوى في قلوب المؤمنين وتقليل المؤمنين في أعين الكفار أنهم إذا رأوهم قليلين استهانوا بهم واستحقروهم فلم يستعدوا كل الاستعداد فيظفر بهم المؤمنون.
قوله سبحانه :
(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) وقال (إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) قد ذم الفرح في مواضع من القرآن ومدح في مواضع قال (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)