المعنى في ذلك أن الأبصار وإن كانت عميا فلا يكون في الحقيقة كذلك إذ كان عارفا بالحق وإنما يكون العمى عمى القلب الذي يجحد معه معرفة الله ووحدانيته.
قوله سبحانه :
(وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) تعلقت الجبرية بها وأضافوا إليها قول الشاعر :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
وهذا مخالف الأصول واللغة لأن الكلام ما هو مركب من الحروف المعقولة المتميزة إذا وقع ممن يصح منه أو من قبيله الإفادة وعند النجاة هو جملة مفيدة ومعنى قوله (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) أي بين خواصهم كقوله (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) يعني به عليا ع وأما قولهم قلت في نفسي أو تكلمت في نفسي مجاز وإنما يعنون بذلك تفكرت في ذلك وهجس في خاطري وأضمرت في نفسي يؤيد ذلك قوله (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) ولو كان الكلام في النفس لما منع السكوت والخرس منه.
قوله سبحانه :
(وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) تأكيد كما تقولون رأيت بعيني وسمعت بأذني وربما قالوا رأت عيني وسمعت أذني وقال الفراء أراد يطير بجناحين لأنهم يقولون قد مر الفرس ويطير طيرا ويقال إنما قال بجناحيه لأن السمك عند الطبائعية طائر في الماء فأخرجها من الطائر لأنها من دواب البحر وقيل ليفرق بين طيران الطيور بأجنحتها وبين الطيران بالإسراع يقال طرت في جناحته.
قوله سبحانه :
(ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ) وفي موضع (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ) أي يؤديهم إلى النار وقيل يأكلون في جهنم النار جزاء تلك الأعمال ومعنى قوله (فِي بُطُونِهِمْ) والأكل لا يكون إلا في البطن لأن العرب تقول جعت في غير بطني وشبعت في غير بطني إذا جاع من يجري جوعة مجرى جوع نفسه فذكر ذلك لإزالة اللبس ثم إنه إنما استعمل المجاز بالأجزاء على الرشوة اسم النار حقق بذكر البطن ليدل على أن النار تدخل أجوافهم.
قوله سبحانه :
(فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) والسقف لا يخر إلا من فوق على