قوله سبحانه :
(فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) لا يدل على صحة القياس في الشرع لأنه تعالى قال (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) إلى قوله (يا أُولِي الْأَبْصارِ) فذكر تعالى ما حل بهم ونبه على علته وسببه ثم أمر بالاعتبار وذلك تحذير من مشاركتهم في السبب فلو لم تكن المشاركة في السبب تقتضي المشاركة في الحكم ما كان للقول معنى ثم إن الاعتبار ليس من القياس في شيء وإنما معناه الاتعاظ والانزجار يليق بالآية.
قوله سبحانه :
(فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) وقوله (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ) وقوله (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) فالاستدلال بها في إثبات القياس ضعيف جدا ولنا مثلها بل أقوى منها آيات يمكن الاستدلال بها قال ابن عباس إن الله تعالى قال لنبيه ص (احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) ولم يقل بما رأيت وقوله (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ونحوها دَخَلَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السِّجِسْتَانِيُّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُ كُتُبٌ حَايِلَةٌ بَيْنَهُمَا فَقَالَ هَذِهِ الْكُتُبُ كُلُّهَا فِي الطَّلَاقِ فَقَالَ جَرِيرٌ تَجْمَعُ هَذَا كُلُّهُ فِي حَرْفِ قَوْلِهِ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ شَيْئاً إِلَّا بِالرِّوَايَةِ قَالَ أَجَلْ قَالَ مَا تَقُولُ فِي مُكَاتَبٍ كَانَتْ مُكَاتَبَتُهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدَّى تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعاً وَتِسْعِينَ دِرْهَماً ثُمَّ أَخَذَتْ يَعْنِي الزِّنَاءَ كَيْفَ تَجِدُهُ فَقَالَ جَرِيرٌ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ مَرْفُوعاً أَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ يَضْرِبُ