حُرُماً) ظاهر الآية يقتضي أن جميع صيد البحر حلال وكذلك صيد البر إلا على المحرم خاصة ويدخل فيه أكل الثعلب والأرنب والضب والجري والمارماهي والزمار وكل ما لا فلس له من السمك الجواب أن الصيد مصدر صدت وهو يجري مجرى الاصطياد وإنما يسمى الوحش وهو ما جرى مجراه صيدا مجازا وإلا هو على وجه الحذف لأنه محل الاصطياد فسمي باسمه وإذا كان كلامنا في تحريم لحم الصيد فلا دلالة في إباحة الصيد لأن الصيد غير مصيد ولفظة الطعام في قوله (وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ) إن سلمنا أنه يرجع إلى لحوم ما يخرج من حيوان البحر لكان لنا أن نقول الطعام إنما يطلق على الحلال ولا يطلق على الحرام.
قوله سبحانه :
(فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) فقوله (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) خطاب للمؤمنين وهذا التحليل عام لجميع الخلق وإن خص به المؤمنين لأن ما حلل الله للمؤمنين فهو حلال لجميع المكلفين وما حرم عليهم حرام على الجميع والآية فيها دلالة على وجوب التسمية على الذبيحة لأن الظاهر يقتضي أن ما لا يسمى عليه لا يجوز أكله بدلالة قوله (إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) وسمي ما لم يذكر اسم الله شركا وفسقا وهذا نص جلي أن ذبائحهم حرام واليهود والنصارى لا يذكرون اسم الله لأنهم غير عارفين وإن ذكروا فلا يعتقدون وجوبه وكيف وثقتم باليهود وهم لا يأكلون ذبائحكم وقال تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا).
قوله سبحانه :
(وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) يجب تخصيص هذا الظاهر على نجاستهم فتحمل الآية على غير الذبائح والمائعات على أن في طعام أهل الكتاب ما فيه خمر ولحم خنزير فلا بد من إخراجه من هذا الظاهر وقوله (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) يدل على أن كل طعام عالجه الكفار فهو حرام ولفظ الطعام إذا أطلق انصرف إلى الحنطة وذكر المحاملي في كتابه الأوسط في الخلاف أن أبا حنيفة والشافعي اختلفا فيمن وكل وكيلا على أن يبتاع له طعاما فقال الشافعي لا يجوز أن يبتاع إلا الحنطة وقال أبو حنيفة ودقيقها أيضا ذكره الأقطع في شرح القدوري ثم قال والأصل في ذلك أن الطعام المطلق اسم للحنطة ودقيقها.