حرم ليس بالشراب وقال الشعبي منهم أنه أراد ما حل طعمه من شراب وغيره والثاني لو أراد بذلك تحليل السكر لما كان لقوله (وَرِزْقاً حَسَناً) معنى لأن ما أباحه وأحله فهو أيضا رزق حسن فلم فرق بينه وبين الرزق الحسن والكل شيء واحد وإنما الوجه فيه أنه خلق هذه الثمار لينتفعوا بها فاتخذتم أنتم منها ما هو محرم عليكم وتركتم ما هو رزق حسن وأما وجه المنة فبالأمرين ثابت معا لأن ما أباحه وأحله فالمنة به ظاهرة التعجيل الانتفاع به وما حرمه فوجه المنة أيضا ظاهر لأنه إذا حرم علينا وأوجب الامتناع ضمن في مقابلته الثواب الذي هو أعظم النعم فهو نعمة على كل حال والثالث أن السكر إذا كان مشتركا بين المسكر وبين الطعم وجب أن يتوقف فيه ولا يحمل على أحدهما إلا بدليل وهذا مجمع عليه وما ذكروه ليس عليه دليل.
قوله سبحانه :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) إنما نهوا عن التعرض للسكر مع أن عليهم صلاة يجب أن يؤدوها في حال الصحو وقيل إنه قد يكون سكران من غير أن يخرج من نقص العقل إلى ما لا يحتمل الأمر والنهي وقال الجبائي النهي أنما دل عليهم أن يعيدوها إن صلاها في حال السكر.
قوله سبحانه :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) هذه الآية تدل على تحريم الخمر والقمار لأنه ذكر فيهما إثما وقد حرم الله الإثم بقوله (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ) على أنه وصفهما بأن فيهما إثما كبيرا والإثم الكبير يحرم بلا خلاف وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَابْنُ سِيرِينَ الْمَيْسِرُ هُوَ الْقِمَارُ كُلُّهُ. وَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ عَلِيّاً ع قَالَ فِي النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ هِيَ الْمَيْسِرُ. وهو الظاهر في رواياتنا وَرَوَى أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَرَأَ (ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) فَشَبَّهَهُ ع بِالْأَصْنَامِ الْمَعْبُودَةِ. وَرَوَى عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ اللَّاعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ أَكْذَبُ خَلْقِ اللهِ يَقُولُ مَاتَ وَمَا مَاتَ يَعْنِي قَوْلَهُمْ شَاهٌ مَاتَ. وفي الآية دلالة على تحريم هذه الأشياء الأربعة من أربعة أوجه أحدها أنه وصفها بأنها رجس وهي النجس والنجس محرم ونسبتها إلى عمل الشيطان لكونه محرما وأمرنا باجتنابه