جاز ذلك لكثرة الاستعمال وكذلك بالله أحلف وقولهم بأبي وأمي أي أفديك بهما وفي الدعاء بالطالع الأيمن ويا نكد طائر قال وما اشتق منه وإنما جاز ذلك حيث يعطف بكلام على كلام لا يصح أن يكون الثاني من قول الأول نحو (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) إلى قوله (يَحْيى) فمعلوم أن قوله (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ) ليس بقول زكريا وأنه جواب لسؤاله
ويحذف أيضا في غير الجواب نحو (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) من قولهما إذ ليس هاهنا مذكور سواهما وقوله (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) تقديره فيقال لهم أكفرتم لأن أما في خبره فاء فلما أضمر القول أضمر الفاء ومثله (تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) ويعلق الشرط بفعل أو وصف لا يصح تعليقه به على الظاهر نحو (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ) كأنه قال دعني إن كنت تقيا ويعطف آحاد على جملة فيترك الفعل الثاني اقتصارا على الأول من حيث يعلم أن المذكور في الفعل لا يصح في المعطوف نحو (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) أي وادعوا شركاءكم شاعر:
إذا ما الغانيات برزن يوما |
|
ورججن الحواجب والعيونا. |
ويحذف في باب الشرط ويقتصر على الجزاء إذا كان المحذوف هو الجزاء بعينه نحو (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) أي ولو شاء ربك أن يؤمن من في الأرض لآمنوا وقوله (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ) تقديره ولنعلمه جعلنا ذلك وقوله (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ) أي وحفظا فعلنا ذلك وقوله (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) أي بقراءة صلاتك ومنه قولهم صليت الظهر أي صليت صلاة الظهر وقوله ما شاء الله كان أي ما شاء الله أن يكون كان شاعر : فقلت يمين الله أبرح قاعدا
ويحذف للاختصار لم أبل ولم أك قوله (وَلَمْ تَكُ شَيْئاً).
ويحذف للتوازن (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) و (يَوْمَ التَّلاقِ) و (يَوْمَ التَّنادِ) الأعشى إذا انتسبت إليه أنكرن ومن الحذف قوله (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) أي لجمعها قادرين جعل قادرين حالا من المحذوف إلا أن بلى في الجواب لقوله (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) صار كالملفوظ به فلذلك جاز حذفه.
حذف الحرف وذلك نوعان ما يجوز حذفه وما لا يجوز فالجائز إما أن يكون المعنى متعلقا به كحذف لا يقال والله أفعل ذلك أي لا أفعل قوله (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) لا تزال تذكر (كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) شاعر : فقلت يمين الله أبرح قاعدا الخنساء :