قوله سبحانه :
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) قال الجبائي دالة على إمامة الخلفاء الأربعة للتمكين المذكور في أيامهم الاستخلاف هاهنا غير الإمامة بل المعنى إبقاؤهم في أثر من مضى من القرون وجعلهم عوضا منهم وخلفا يوضح ذلك قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) وقوله (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ) وقوله (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ) ثم إن هذا الاستخلاف والتمكين في الدين كانا في أيام النبي حين أعلى الله كلمته وأكمل دينه وليس كل التمكين كثرة الفتوح لأن ذلك يوجب أن دين الله لن يتمكن إلى اليوم لعلمنا ببقاء ممالك الكفر ولا يجوز أن يكونوا معنيين بها لأنه لا يقال في الحقيقة إنه استخلف إلا إذا نص على المستخلف إما بقرآن أو بخبر صحيح فأما القوم المتقدمون على أمير المؤمنين ع فالمستخلف لهم غيره سبحانه وغير رسوله لأن الذي استخلف الأول هو الثاني وأبو عبيدة وبشير بن سعد والذي استخلف الثاني هو الأول والذي استخلف الثالث هو عبد الرحمن وإنه تعالى شبه استخلافه لهم باستخلافه للذين من قبلهم وهو أنه كان يظهر على أيديهم المعجزات أو يأمر من ينص عليهم بالاستخلاف وما جرى في الأمم باستخلاف يضاف إلى الله سبحانه بأن يتولاه الأمم بأنفسها ولو صح ما قالوا لما احتيج إلى اختيار ولكان منصوصا عليهما وذلك خلاف الإجماع وإذا سلم أن المراد به الإمامة فقال ابن عباس ومجاهد هم أمة محمد ص وقال علماء أهل البيت ع إنما يكون ذلك عند قيام المهدي ع لقوله (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وما كان ذلك إلى أيامنا هذه.
قوله سبحانه :
(لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) يقتضي العموم وإنهم تابوا فتاب الله عليهم فليدلوا بعد ذلك على وقوع التوبة من الجماعة حتى يدخلوا تحت الظاهر.
قوله سبحانه :
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) التنازع في اقتضاء