علينا هذا الفظ الغليظ وقال هو يوم السقيفة اقتلوا سعدا وهو الهاجم على بيت فاطمة وضرب أبا هريرة وسعد بن أبي وقاص وغيرهما بالدرة وأما الثالث فأمره أشهر من أن يذكر ثم قال (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) وصفهم الله بالركوع والسجود ولا يريد ذلك سجود الأوثان وأمير المؤمنين لم يسجد لها قط والمشايخ قد مضى أعمارهم شطرها على عبادة الأصنام ثم قال (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) فصرح بحرف التبعيض أن الموعودين بالمغفرة والأجر العظيم هم بعض من معه من المذكورين في قوله (وَالَّذِينَ مَعَهُ) فليدلوا على أنهم ذلك البعض وبعد فإن قوله (وَالَّذِينَ مَعَهُ) في محل الرفع بالابتداء ولا بد للمبتدإ من خبر والخبر لا بد أن يكون له مبتدأ كقولك زيد قائم والقائم زيد فالأول كيف يكون مبتدأ والثلاثة خبره ولا بد أن يكون الخبر عين المبتدأ وذلك بأهل البيت ع أليق.
قوله سبحانه :
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) نزل بالإجماع عام الحديبية فوقوع الرضا لمن اختص بالأوصاف التي فيها ولا يجوز أن يرضى الله عن الكل لأنهم كانوا ألفا وسبعمائة رجل وفيهم مثل جد بن قيس وابن أبي سلول وكان فيهم مثل طلحة والزبير وقد خرجا على الإمام ولم يمنع وقوع الرضا في تلك الحال من مواقعة المعصية فيما بعد ثم قال (إِذْ يُبايِعُونَكَ) وبالإجماع أن البيعة كانت تحت الشجرة على أن لا يفروا ويثبتوا في الحرب حتى يقتلوا أو يغلبوا فانهزم الأول والثاني في خيبر بالاتفاق فَغَضِبَ النَّبِيُّ ص وَقَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالتَّارِيخَيْنِ. ثم انهزموا في يوم حنين قوله (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) ولا خلاف في أن عليا ع لم ينهزم قط فالآية به أليق وبمن تبعه ثم إن الآية دالة على مدح علي ومن تبعه وذلك أن الله تعالى أخبر بأنه رضي عن المؤمنين ثم بين أن المرضي عنهم في هذا الخطاب من جملة المؤمنين السابقين ثم بين أن المبايعين هم من بايع تحت الشجرة وهم من علم ما في قلوبهم ثم جعل العلامة عليهم نزول السكينة عليهم وهي النصر والفتح القريب على أيديهم فصار حصول النصر والفتح هو المبين من المرضي عنهم من المبايعين فالرجلان قد عريا عن السكينة والفتح وعلي اختص بهما.