كان صاحبها حيا وإن كان ميتا رد إلى ورثته وله حكم والصحيح أن القاتل من غير عمد تصح توبته وقال قوم لا تصح والتوبة من القتل العمد توجب القود وقال قوم لا تصح إلا بالاستسلام وهو الأقوى وهو أن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول ثم يعزم في المستقبل أن لا يعود إلى مثله ويعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكينا وإن كان ذلك كلاما موحشا لا يخلو إما أن يكون قد بلغه أو لم يكن قد بلغه فإن كان بلغه يوجب الاستحلال منه وإن لم يبلغه لا يجوز الاستحلال منه لأنه يكون مبتدأ وحشة فإن كان اعتقادا بينه وبين الله تعالى فبضد ما اعتقده وقال قوم التوبة من اعتقاد جهالة إذا كان صاحبها لا يعلم أنها معصية بأن يعتقد أنه لا محجوج إلا عارف فإنه يتخلص من ضرر تلك المعصية إذا رجع عنها إلى المعرفة وإن لم يوقع منها توبة وقال آخرون يحتاج إلى التوبة لأنه محجوج وهو الأقوى وأما ما نسي من الذنوب فإنه يجري التوبة منه على الوجه الجملة وقال بعضهم لا تجري وهو خطأ وأما ما نسي من الذنوب مما لو ذكره فاعله لم يكن عنده معصية هل يدخل في الجملة إذا وقعت التوبة من كل خطيئة فقال قوم لا يدخل فيها لكنه يتخلص من المعصية وقال آخرون يدخل فيها وهو الصحيح وأما المشرك إذا تاب وكان يعرف قبل توبته بفسق قبل توبته في الحكم وإن لم يظهر التوبة قال قوم لا يزول عنه حكم الفسق وقال آخرون يزول وأما التوبة من قبيح بفعل قبيح آخر فلا يصح على أصلنا كالتائب من الإلحاد بعبادة المسيح وقال قوم يصح وأجراه مجرى معصيتين وأما التوبة من الغصب هل تصح مع الإقامة على حال الغصب فقال قوم لا تصح وقال آخرون يصح وهو الأقوى إلا أنه يكون فاسقا بالمنع يعاقب عقاب المانع وإن سقط عنه عقاب الغصب وقال بعضهم لا تصح التوبة عن ذنب مع إقامة على معصية أخرى وقال المحققون إنه إذا تاب عن الزناء أو الخيانة وعزم أن لا يعود إلى مثلهما صحت فيهما وزعمت البكرية أن المطبوع على قلبه لا توبة له وهو خطأ وأما التوبة عند أشراط الساعة هل تصح أم لا فقد اختلفوا فيه ولا شك أن بعض الآيات يحجب.
قوله سبحانه :
(فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) وقوله (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ) وقوله (لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) دلائل على أن الإيمان لا ينفع عند نزول العذاب ولا عند الإلجاء.