عمر يقدّم عليه أحدا.
وروى الذهبي ـ أيضا ـ وقال : كان عمر يستشير ابن عباس في الأمر اذا همه ، ويقول غص غواص.
وروى عن سعد بن أبي وقاص انّه قال : لقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات ، ثمّ لا يجاوز قوله ، وان حوله لأهل بدر (١).
هكذا استطاع عمر الخليفة أن يروّض كبار الصحابة ، ليقترئوا القرآن عند هذا الفتى ، فقد روى البخاري بسنده عن ابن عباس أنّه قال :
(كنت اقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرّحمن بن عوف ، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع عبد الرّحمن ...) (٢).
كلّ ما مرّ بنا من اسئلة الخليفة عمر من ابن عباس كان عن تفسير القرآن وسمّوا ذلك بالإفتاء.
إذا فإنّ الإفتاء كان يستعمل في كلامهم ، ويقصد به كلّ بيان رأي في أمر ديني ، وكذلك الإفتاء في أخبار امّ المؤمنين كما مرّ بنا ذكره.
ويظهر ممّا سئل من ابن عباس في ذلك العصر ، وأجاب عنه ان ابن عباس كان يعلم ما ينبغي أن يحدّث به ، فقد روى ابن كثير وقال :
إنّ عمر كان يقول : أقلّوا الرواية عن رسول الله (ص) إلّا في ما يعمل به (٣).
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧.
(٢) صحيح البخاري ٤ / ١١٩ ، باب رجم الحبلى من الزنا من كتاب الحدود.
(٣) تاريخ ابن كثير ٨ / ١٠٧ في ترجمة أبي هريرة.