دراسة في أمر الاستثناءين :
ولد ابن عباس في السنة الثالثة قبل الهجرة ، وتوفّي الرسول (ص) وقد ناهز الحلم.
ولدت امّ المؤمنين عائشة في السنة الرابعة من البعثة ودخلت بيت الرسول (ص) بعد غزوة بدر ، وتوفّي الرسول (ص) وعمرها ثماني عشرة سنة وبقيت في بيته ثماني سنوات وخمسة أشهر.
وتزوّج الرسول (ص) سودة قبلها ، ودخلت بيت الرسول (ص) قبلها ، وتوفيت سنة أربع وخمسين.
وتزوّج الرسول (ص) امّ سلمة بعد غزوة أحد ، وتوفّيت في خلافة يزيد ، بعد استشهاد الإمام الحسين (ع).
وعلى هذا أدرك ابن عباس حياة الرسول (ص) وهو صبيّ لم يبلغ الحلم بينما أدرك كبار الصحابة حياة الرسول وهم في سنّ الرّشد الفكري والنضوج العقلي.
كما أدركت عائشة حياته وهي فتاة صغيرة تلعب مع أترابها باللّعب ، كما حدّثت هي بذلك (١) ، بينما أدركت سودة حياة الرسول (ص) قبلها وامّ سلمة مقارنا لزمانها ، وقد بلغتا من جلال السنّ والنّضج العقلي ما يؤهّلهما لتفقّه سنّة الرسول (ص) أكثر من عائشة. يا ترى ما السبب في أن يبلغ ابن عباس مقام المشير من الخليفة عمر ، ولم تحنّكه التجارب في الحرب والسلم؟ وما الّذي أهله ليتربّع على دست الفتيا على عهد الخليفتين عمر وعثمان إلى يوم مات!؟
__________________
(١) البخاري ٤ / ٤٧ ، كتاب الأدب ، باب الانبساط ؛ وطبقات ابن سعد ، ط. اوربا ٨ / ٤٠ ـ ٤٥ ؛ ومسند أحمد ٦ / ١٦٦ و ٢٣٣ و ٢٣٤.