عن المنكر ، وألّا تأخذنا في الله لومة لائم ، فسكت أبو هريرة.
وكتب معاوية إلى عثمان : أنّ عبادة بن الصامت قد أفسد عليّ الشام وأهله ، فإمّا أن تكفّه إليك ، وإمّا أن اخلّي بينه وبين الشام.
فكتب إليه : أن رحّل عبادة حتى ترجعه إلى داره بالمدينة.
قال : فدخل على عثمان ، فلم يفجأه إلّا وهو معه في الدار ؛ فالتفت إليه فقال : ما لنا ولك؟
فقام عبادة بين ظهرانيّ الناس ؛ فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : سيلي أموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون ؛ وينكرون عليكم ما تعرفون ؛ فلا طاعة لمن عصى ولا تضارّوا بربكم.
وفي رواية ابن عساكر بعد هذا : فو الّذي نفس عبادة بيده إنّ فلانا ـ يعني معاوية ـ لمن اولئك فما راجعه عثمان بحرف ؛ انتهى.
وقصّة معاوية مع الصحابة في شربه الخمر ، لم تقتصر على ما كان بين معاوية وعبادة ؛ فقد رووا أنّ عبد الرحمن بن سهل بن زيد الأنصاري غزا في زمن عثمان ومعاوية أمير على الشام ، فمرّت به روايا خمر ، فقام إليها برمحه ، فبقر كلّ راوية منها ؛ فناوشه الغلمان ؛ حتى بلغ شأنه معاوية ؛ فقال : دعوه فإنّه قد ذهب عقله ، فبلغه فقال : كلّا والله ما ذهب عقلي ؛ ولكن رسول الله (ص) نهانا أن ندخل بيوتنا وأسقيتنا خمرا ، وأحلف بالله لئن بقيت حتى أرى في معاوية ما سمعت من رسول الله (ص) لأبقرنّ بطنه أو لأموتنّ دونه (١).
__________________
(١) بترجمته في الإصابة ٢ / ٣٩٤ ، وفي أسد الغابة ٣ / ٢٩٩ إلى قوله و «أسقيتنا» ثمّ قال : وأخرجه الثلاثة ، وفي الاستيعاب ، ص ٤٠٠ ذكره مبتورا ، وأشار إليه في آخر ترجمته في تهذيب التهذيب ٦ / ١٩٢.