وأخرج ابن حنبل في مسنده ٥ / ٣٤٧ عن عبد الله بن بريدة ، قال : دخلت أنا وأبي على معاوية ، فأجلسنا على الفرش ، ثمّ اتينا بالطعام ، فأكلنا ، ثمّ اتينا بالشراب ، فشرب معاوية ، ثمّ ناول أبي ، ثمّ قال : ما شربته منذ حرّمه رسول الله (ص) ... الحديث.
وله قصص اخرى في الخمر أخرجها ابن عساكر في تاريخه (١).
وفي هذا العصر ـ عصر عثمان ـ كان لمعاوية مع أبي ذرّ قصص يطول شرحها ، ونحن نوردها هنا بإيجاز من ترجمة عثمان في أنساب الأشراف (٥ / ٥٤ ـ ٥٥) ، قال البلاذري :
لمّا ولي عثمان ، وأعطى مروان بن الحكم ما أعطاه ، وأعطى الحارث بن الحكم ثلاثمائة ألف درهم ، وزيد بن ثابت الأنصاري مائة ألف درهم ، جعل أبو ذر يتلو :
(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ). (التّوبة / ٣٤)
وجرى بينه وبين عثمان في ذلك محاورات فأمره أن يلتحق بالشام ، فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها ، وبعث إليه معاوية بثلاثمائة دينار ، فقال : إن كان من عطائي الّذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها ، وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها.
وبنى معاوية قصره الخضراء بدمشق ، فقال : يا معاوية! إن كانت هذه الدار من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهذا الإسراف ، فسكت معاوية.
__________________
(١) منها قصّة اخرى له مع عبادة بن الصامت عند ما كان بانطرسوس ، أخرجها في تهذيب ابن عساكر ٧ / ٢١٣ ؛ ومنها قصّته مع عبد الله بن الحارث بن اميّة بن عبد شمس ٧ / ٣٤٦ ، وأشار إليه ابن حجر بترجمته في الإصابة ٢ / ٢٨٢.