دراسة روايات الزيادة والنقصان :
إنّ روايات الزيادة والنقيصة هنا مثل روايات جمع القرآن الآنفة في ما افتري بها على الله وكتابه ورسوله (ص) وأصحابه ، وما أوردناه في نقضها هناك يصدق على روايات الزيادة والنقيصة هنا ، وبالإضافة إليها نذكّر هنا مرّة اخرى بأخبار جمع القرآن وتدوينه ونقول : كان الرسول (ص) قد جعل من مسجده معهدا لإقراء القرآن يقرئ فيه الصحابة ويقرئ الصحابة فيه الوافدين إلى المدينة واهل الصفة وكان يسمع من مسجده (ص) ضجتهم بتلاوة القرآن.
وكان الصحابة يقرءون نساءهم وأولادهم في بيوتهم حتّى أصبحت بيوت المدينة ما عدا بيوت المنافقين كلّها مدارس لإقراء القرآن ، وأرسل الرسول (ص) إلى كل بقعة من الأرض خارج المدينة يسكنها المسلمون من يقرئهم القرآن ، وتسابق المسلمون على عهده في كل مكان في حفظ القرآن عن ظهر قلب ، ونتيجة لكلّ ذلك بلغ القرّاء عددا اشترك منهم في السنة الثانية من وفاة الرسول (ص) في جيش واحد ثلاثة آلاف قارئ وكان الإقراء في عصر الرسول (ص) بتعليم اللفظ والمعنى ، وبعد عصر الرسول (ص) أمر الخليفة أبو بكر بالاقتصار على إقراء لفظ القرآن دون تعليم حديث الرسول (ص) في تفسير آياته.
وعلى عهد الخليفة عمر أمر بتجريد القرآن من حديث الرسول (ص) ، وأرسل للبلاد المفتوحة القرّاء لتعليم القرآن كذلك ، وكان من جملتهم الصحابي عبادة بن الصامت الّذي بعثه في السنة الثامنة عشرة أو قبلها إلى الشام تلبية لطلب واليها يزيد بن أبي سفيان ، والّذي توفّي في طاعون عمواس في السنة الثامنة عشرة ، وبقي يقرئ فيها القرآن إلى أن توفّي سنة أربع وثلاثين ، وجاء في خبر إقرائه أنّه كان يقرئ في جامع دمشق ألفا وستمائة شخص على كلّ مائة منهم عريف.