.................................................................................................
______________________________________________________
يجري الاستصحاب أوّلا في حياته وثانيا في عدالته».
وبالجملة : فإحراز الموضوع ولو تعبدا معتبر في استصحاب عارضه ، وهو كاف في جريانه ، فلا وجه لاعتبار العلم ببقاء الموضوع في جريانه.
إذا عرفت هذه الأقوال في تفسير بقاء الموضوع فاعلم : أنه يجري الاستصحاب ـ على تفسير صاحب الكفاية ـ في المحمولات المترتبة ؛ كالعدالة والقعود والقيام وغيرها ، ولو مع عدم العلم ببقاء موضوعاتها خارجا ؛ بل ومع العلم بارتفاعها أيضا ، كما إذا شك في بقاء عدالة زيد مع العلم بموته فضلا عن الشك فيه ، وذلك لأن بقاء الموضوع ـ بمعنى اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة كما عليه المصنف ـ صادق عليه ؛ لأن نفس القضية المعلومة وهي «زيد عادل» صارت مشكوكة ، والعلم بموت زيد فضلا عن الشك فيه لا يوجب خللا في موضوعها ولا في محمولها كما لا يخفى.
ولا يجري الاستصحاب في تلك المحمولات على تفسير الشيخ في بقاء الموضوع ، وهو اعتبار بقاء الموضوع في زمان الشك بنحو كان موجودا حال اليقين به ؛ لأن الموضوع في زمان اليقين كان موجودا خارجيا ، وفي زمان الشك لا يكون كذلك فلا يكون الموضوع على تفسير الشيخ باقيا كي يجري الاستصحاب.
وأما على قول صاحب الفصول ـ وهو القول الثالث ـ فيجري الاستصحاب أوّلا في الموضوع ، ثم في حكمه ، ففي الشك في عدالة زيد مع الشك في حياته يجري الاستصحاب أوّلا : في حياته ، وثانيا : في عدالته ؛ إذ يكفي في الاستصحاب إحراز بقاء الموضوع ولو تعبدا ، فلا وجه لاعتبار العلم ببقاء الموضوع في جريان الاستصحاب.
والدليل الثالث على لزوم بقاء الموضوع في الاستصحاب : ما أشار إليه بقوله : «والاستدلال عليه باستحالة انتقال العرض إلى موضوع آخر» ، والمستدل بهذا الدليل العقلي هو جمع من العلماء كصاحبي الفصول والمناهج وتبعهما الشيخ الأنصاري.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن العرض ـ كما في علم الفلسفة ـ هو الذي يقوم بغيره ، فانتقاله عنه إلى غيره محال ، إذ في حال الانتقال إما لا يكون قائما بالمنتقل عنه ولا بالمنتقل إليه ، أو يكون قائما بالمنتقل إليه ، وكلا الاحتمالين محال وباطل ، لأن الأوّل يسبب قيام العرض بلا موضوع ولا محل وهو محال. والثاني : يوجب انتقال العرض من موضوع إلى موضوع آخر ، وهو أيضا محال ؛ إذ حال الانتقال يبقى العرض بلا موضوع ولو آناً ما.