الموضوع العرفي ؛ لأنه المنساق من الإطلاق في المحاورات العرفية ، ومنها الخطابات الشرعية (١) ، فما لم يكن هناك دلالة على أن النهي (٢) فيه بنظر آخر غير ما هو الملحوظ في محاوراتهم ؛ لا محيص (٣) عن الحمل على أنه بذاك اللحاظ (٤) ، فيكون (٥)
______________________________________________________
العرفي ؛ لأنه المنساق من الإطلاق ؛ وإلا لكان عليه البيان. وعليه : فالمناط في بقاء الموضوع أي : اتحاد القضيتين موضوعا هو نظر العرف وإن لم يكن اتحاد بحسب الموضوع العقلي الدقي ولا بحسب الموضوع المأخوذ في لسان الدليل ، ففي مثل قوله : «العنب إذا غلى يحرم» تستصحب الحرمة المعلقة على حال الزبيبية ، وذلك لاتحاد القضيتين بحسب الموضوع العرفي ، وكون العنبية والزبيبية من الحالات المتبادلة ؛ وإن لم يكن اتحاد بحسب الموضوع العقلي الدقي ولا بحسب الموضوع المأخوذ في لسان الدليل.
وفي مثل الوجوب والاستحباب أو الحرمة والكراهة إذا زالت المرتبة الشديدة من الطلب ؛ لم يستصحب الاستحباب أو الكراهة ؛ وذلك لعدم اتحاد القضيتين بحسب المحمول عرفا وإن كان هناك اتحاد عقلا ودقة ، نظرا إلى كون الثاني عين الأول لا تفاوت بينهما إلّا بشدة الطلب وضعفه ؛ كما تقدم في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.
(١) لأنهم هم المخاطبون بتلك الخطابات ، ولو لم يكن فهمهم فيها حجة لوجب على المتكلم التنبيه على ذلك وبيان مراده منها. وضمير «لأنه» راجع إلى لحاظ الموضوع العرفي.
(٢) أي : أن النهي عن النقض في خطاب «لا تنقض» بنظر آخر غير النظر العرفي الملحوظ في محاوراتهم ، فلا بد من الحمل على أن النهي عن النقض يكون باللحاظ العرفي.
(٣) جواب «فما لم يكن» ، والأولى اقترانه بالفاء بأن يقال : «فلا محيص».
(٤) أي : اللحاظ العرفي ، وضمير «أنه» راجع على النهي ، يعني : فلا محيص عن الحمل على أن النهي عن النقض يكون بذاك اللحاظ العرفي لا العقلي ولا الدليلي.
(٥) هذه نتيجة عدم نصب قرينة على لحاظ نظر آخر غير ما هو الملحوظ في محاورات العرف ، وحاصله : أن المعيار في بقاء الموضوع ـ حتى يصدق على إثبات الحكم له في ظرف الشك إبقاؤه ، وعلى نفيه عنه نقضه ـ هو الموضوع العرفي لا العقلي