.................................................................................................
______________________________________________________
الشكين عرضيين مع العلم إجمالا بانتقاض أحد المستصحبين ، وعدم لزوم المخالفة العملية من جريان الاستصحاب فيهما ، ومحصل ما أفاده فيه هو : أن الاستصحاب يجري في كليهما لوجود المقتضي وعدم المانع.
وأما الأول : لعموم دليل الاستصحاب الشامل لأطراف العلم الإجمالي ؛ لكون كل منهما معلوما سابقا مشكوكا لا حقا.
فالمحدث المتوضئ غفلة بمائع مردد بين الماء والبول ، يجري استصحاب الحدث وطهارة الأعضاء ؛ لكون كل منهما متعلقا لليقين والشك ، ولا يلزم من جريانهما مخالفة عملية لتكليف فعلي معلوم إجمالا.
أما جريان استصحاب الطهارة : فلاحتمال كون المائع ماء ، فالأعضاء باقية على طهارتها وإن ارتفعت واقعا ، وأما جريان استصحاب الحدث فلعدم العلم بارتفاعه ، وتقتضي قاعدة الاشتغال حينئذ : لزوم إحراز الطهارة للصلاة وغيرها من المشروط بالطهارة.
وعليه : فلا يلزم من إجراء الاستصحابين مخالفة عملية لتكليف إلزامي فعلي.
وبالجملة : ففي هذا المثال لا يكون شيء من الشكين مسببا عن الآخر ؛ بل هما عرضيان مسببان عن علة ثالثة ، وهي دوران أمر المائع بين الماء والبول ، فإنه منشأ الشك في بقاء كل من الحدث وطهارة البدن ، فيجري كلا الاستصحابين مع العلم الإجمالي بانتقاض أحد المستصحبين ؛ لارتفاع طهارة البدن إن كان ذلك المائع بولا ، أو ارتفاع الحدث إن كان ماء ؛ لكن هذا العلم الإجمالي بالانتقاض مع عدم لزوم المخالفة العملية غير مانع عن جريانهما ؛ إذ لا تنافي بين نفس المستصحبين ، ضرورة : اجتماع الحدث القائم بالنفس ، والطهارة القائمة بالبدن.
نعم ؛ يقع التنافي بينهما باعتبار لوازمهما ؛ إذ لازم بولية المائع بقاء الحدث ونجاسة البدن ، ولازم مائيته ارتفاع الحدث وبقاء طهارة الأعضاء ، فلا يمكن الجمع ـ لأجل هذه اللوازم ـ بين بقاء الحدث وطهارة البدن ؛ لكن التفكيك في اللوازم في مرحلة الظاهر مما لا محذور فيه ، وإنما المحذور هو المخالفة العملية ، وذلك غير لازم من الحكم بوجوب الوضوء وطهارة الأعضاء.
والحاصل : أن المانع ـ أعني : المخالفة ـ غير لازم ، واللازم وهو التفكيك في اللوازم ظاهرا غير مانع.