.................................................................................................
______________________________________________________
توضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ٥» ـ أن استنباط الحكم الشرعي من أخبار الآحاد التي هي عمدة أدلة الفقه منوط بأمور :
الأول : حجية خبر الواحد ؛ بأن يكون خبر العدل أو الثقة طريقا لإحراز صدور الحكم الشرعي من النبي والولي «صلى الله عليهما وآلهما».
الثاني : ظهور الألفاظ الواردة في الخبر في معانيها وعدم إجمالها ؛ كدلالة صيغة «افعل» على الوجوب ، ودلالة صيغة «لا تفعل» على الحرمة ، ودلالة الجملة الشرطية على المفهوم ، وألفاظ العموم على العموم ، وعدم دلالة الأمر الواقع عقيب الحظر أو توهمه على الوجوب ، وغير ذلك من الأمور المبحوث عنها في مباحث الألفاظ الراجعة إلى تعيين صغريات الظهورات.
الثالث حجية ظواهر الألفاظ بنحو الكبرى الكلية ، سواء وردت في الكتاب أم في السنة ، في قبال من يدّعي اختصاص حجية الظواهر بمن قصد إفهامه أو غير ذلك.
الرابع : علاج تعارض الأخبار ؛ لما يتراءى من التنافي بين الأخبار المأثورة عن الأئمة المعصومين «عليهمالسلام» ، خصوصا في أبواب العبادات.
أما الأمر الأول : فيتكفله بحث خبر الواحد ؛ إذ قد عرفت هناك وفاء الأدلة ـ من الكتاب والسنة المتواترة إجمالا والسيرة العقلائية الممضاة شرعا ـ بإثبات اعتبار خبر الثقة أو الموثوق به.
وأما الأمر الثاني : فيتكفله العرف واللغة ، وقد تقدم في مباحث الألفاظ جملة منها.
وأما الأمر الثالث : فيبحث عنه في مسألة حجية ظواهر الألفاظ ، وأن ظواهر الكتاب والسنة تكون حجة في حقنا كحجيتها في حق الموجودين في عصر التخاطب.
وبتمامية هذه الأمور الثلاثة يتمّ المقتضي لحجية خبر الواحد ، فإذا تصدى المجتهد للاستنباط ولم يكن للخبر معارض كان الخبر حجة فعلية أي : منجّزا للواقع على تقدير الإصابة ومعذّرا عنه على تقدير الخطأ ؛ وإن كان للخبر معارض أو معارضات لم يجز التمسك به إلّا بعد علاج التعارض ؛ وذلك لقصور أدلة حجيّة الخبر وظاهر الكلام عن شمولها بحال التعارض ، بناء على ما هو الحق من حجيّة الأمارات على الطريقية.
وحينئذ : يكون أحد الخبرين المتعارضين حجة شأنية لا حجة فعلية ، ومن المعلوم : أن ما يصلح للاستناد إليه في مقام الاستنباط هو الحجة الفعلية لا الاقتضائية ، وتتوقف هذه الحجية الفعلية ـ في الأخبار المتعارضة ـ على قيام دليل ثانوي على حجية أحد الخبرين