.................................................................................................
______________________________________________________
والشاهد على إرادة هذا المعنى من الدلالة لا مطلق الكشف والحكاية هو تصريح المصنف فيما سيأتي بعدم التعارض في موارد الجمع الدلالي كالعام والخاص المنفصل عنه ، لوضوح : أن الخاص المنفصل لا يصادم ظهور العام في عمومه ، وإنما يزاحمه في حجيته بالنسبة إلى مورد الخاص ، فلو كان المناط في تنافي الدلالتين اختلاف ظهورهما لزم إدراج موارد الجمع الدلالي وتقديم أقوى الحجتين على الآخر في تعريف التعارض ، مع أنه لا ريب في خروجها عنه. وينحصر وجه خروجها عنه في إرادة الحجة من الدلالة ؛ إذ لا تمانع بين حجية كل من العام والخاص.
نعم ؛ لا ريب في أن المنسبق من كلمة الدلالة هو الحكاية والكشف لا الحجية ؛ إلّا إن مقصود الماتن منها هو الحجية ، فإنه «قدسسره» جعل التعارض من حالات الدليل لا من عوارض المدلول.
الجهة الثانية : أن المراد بالدلالة ليست هي خصوص الدلالة اللفظية المنحصرة في المطابقية والتضمينية والالتزامية ؛ بل المراد بها : مطلق ما كان حجة ولو لم ينطبق عليه ضابط الالتزام من اللزوم العقلي كما في العمى والبصر ، أو العرفي كما في جود حاتم الطائي. ويشهد لهذا التعميم ما أفاده بقوله : «عرضا». وصرّح به في حاشية الرسائل من درج العلم الإجمالي بكذب أحد الخبرين ـ مع تعدد موضوعيهما ـ في موضوع التعارض.
وأما كلمة التناقض فواضحة ؛ لأنها عبارة عن تقابل السلب والإيجاب في شيء واحد ، واعتبر في استحالته اجتماع الوحدات الثمانية أو الأزيد منها.
وأما كلمة التضاد : فقد قسّم المصنف التضاد إلى الحقيقي والعرضي ، ولكن المشهور أرادوا به التضاد الحقيقي خاصة كالتناقض حيث لم يوصفوه بالحقيقي والعرضي.
وكيف كان ؛ فالتضاد الحقيقي كالتناقض يشترط فيه اتحاد الموضوع كاجتماع الوجوب والحرمة في فعل واحد. والتضاد العرضي لا يعتبر فيه اتحاد الموضوع ؛ بل يمتنع تحقق أمرين وجوديين في موضوعين في نظام الوجود كما سيأتي مثاله في موارد العلم الإجمالي بكذب أحد الدليلين.
ثم إن المعتبر من اتحاد الموضوع في التناقض والتضاد الحقيقي ـ كما أفاده في حاشية الرسائل ـ هو الاتحاد في الجملة ليشمل التعارض التبايني والعموم والخصوص المطلق والعموم والخصوص من وجه كما سيأتي.
هذا تمام الكلام في شرح الألفاظ الواردة في تعريف المصنف للتعارض.