.................................................................................................
______________________________________________________
تأمل سيأتي بيانه.
وفي «منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ١٢» ما هذا لفظه : «وتحقيق ما أجمله المصنف هنا ووجه عدوله عن تعريف المشهور منوط بالبحث في مقامين :
الأول : في توضيح الألفاظ الواردة في التعريف.
الثاني : في الفرق بين تعريف المشهور وتعريف الماتن ، ووجه عدوله عنه.
أما المقام الأول : فنقول فيه : إن الكلمات المحتاجة إلى البيان هي التنافي ، والدلالة ، والتناقض ، والتضاد.
أما التنافي : فهو كالتعارض على وزن «التفاعل» من النفي.
والنفي في اللغة : هو الطرد والدفع ، وهذا المعنى هو المقصود في باب التعارض ؛ لأن كل واحد من المدلولين ينفي الآخر ؛ بالدلالة الالتزامية الشرعية كما سيظهر ، أو لأن كل واحد من الدليلين يطرد الآخر ويزاحمه في حجيته الفعلية. لكن التعارض أخص من التنافي ؛ لأن التنافي ـ وهو عدم الاجتماع في الوجود ـ بالذات يتحقق في المدلولين المتمانعين كالوجوب والحرمة ، أو الوجوب وعدمه ، ولا يصدق التعارض على هذا التمانع ، فلا يوصف الوجوب والحرمة بأنهما متعارضان ، وإن وصفا بأنهما متنافيان ؛ بل يوصف ما دل على الوجوب وما دل على الحرمة بالمعارضة ، فيقال : تعارض الخبران ، ولا يقال : تعارض الحكمان ، فالتعارض من أوصاف الدال ـ بما هو دال ـ بالذات لا بالعرض.
وأما كلمة «الدلالة» ففيها جهتان :
الجهة الأولى : أنها تطلق على معنيين : أحدهما : الحكاية والكشف ، وهذا في قبال الكلام المجمل ، فالدلالة متقومة بالظهور.
والآخر : الحجية أي : ظاهر الكلام المتصف بالحجية.
وبعبارة أخرى : يراد بالدلالة ظاهر خصوص الدليل دون غيره مما لا يكون دليلا ، ومعنى التنافي في الدلالة هو تمانع الدليلين المتعارضين في الاندراج تحت دليل الاعتبار ، فإذا دل أحد الخبرين على وجوب جلسة الاستراحة ، والخبر الآخر على عدم وجوبها امتنع شمول أدلة. حجية خبر الثقة لكليهما ؛ لامتناع التعبد بالمتناقضين الموجب لبطلان اقتضاء دليل الاعتبار الحجية الفعلية لكل منهما بعينه ؛ للزوم اجتماع النقيضين لأحدهما المعيّن ؛ لكونه ترجيحا بلا مرجح ، فيزاحم كل منهما الآخر في الحجية الفعلية وفي شمول عموم أدلة الاعتبار له ، وهذا هو التنافي في الدلالة.