.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا بخلاف تعريف التعارض بتنافي الدليلين.
وتوضيحه : أن تنافي الدليلين قد يكون بدويّا زائلا ، بالتأمل ؛ بحيث لا يتحيّر العرف في الجمع بينهما والعمل بهما ، وقد يكون مستقرا لا يرى العرف سبيلا إلى الجمع بينهما.
والظاهر : أن موضوع الأخبار العلاجية والأبحاث الآتية هو التعارض المستقر الذي يوجب استمرار تحيّر العرف في الجمع بين المتعارضين كما إذا كان أحدهما يأمر بشيء والآخر ينهى عنه.
وعلى هذا : فالتعريف المناسب لهذا الموضوع المأخوذ في أخبار العلاج هو أن يقال : «إن التعارض تنافي الدليلين» لا تعريفه ب «تنافي المدلولين» لأن تعريف المشهور يشمل كل دليلين متنافيين مدلولا وإن لم يكن بينهما منافاة دلالة وإثباتا ـ أي : في مقام الحجية ـ كما إذا كان بينهما حكومة أو جمع عرفي على أنحائه ، فلا بد من إجراء أحكام التعارض عليهما من التخيير أو الترجيح ، مع إنه ليس كذلك ، لخروجهما عن باب التعارض.
وهذا بخلاف تعريف المتن ، فإنه لا يشمل مثل هذين الدليلين ولنذكر شاهدين :
الأول : موارد حكومة أحد الدليلين على الآخر ، نظير ما دل على حكم ، الشكوك في الركعات مثل : قوله «عليهالسلام» : «إذا شككت فابن على الأكثر» وما دل على نفي الشك عمن كثر شكه كقوله «عليهالسلام» : «لا شك لكثير الشك» فإن مدلولي هذين الدليلين متنافيان ، بمقتضى تقابل الموجبة الكلية مع السالبة الجزئية ، فالخطاب الأول المثبت للحكم يشمل كثير الشك وغيره ، والخطاب الثاني النافي للحكم مخصوص بكثير الشك ، فيصادم المدلولان ـ في كثير الشك ـ بالنفي والإثبات.
ومقتضى تعريف المشهور : إجراء أحكام التعارض بينهما لأنهما دليلان متنافيان بحسب المدلول ، مع إنه لا ريب ـ عند الجميع ـ في عدم عدّ هذين الدليلين من المتعارضين. والوجه في عدم تعارضهما مع عدم تنافيهما في مقام الدلالة والحجية ، فإن الدليل الحاكم شارح ومبيّن للمراد الجدّي من الدليل المحكوم كما سيأتي توضيحه وعليه : فلا محذور في شمول دليل حجية خبر الثقة لكلا الخبرين المتقدمين ، وينحصر التخلص عن هذا النقض ـ الوارد على تعريف المشهور للتعارض ـ في العدول إلى تعريف المتن.
الشاهد الثاني : موارد الجمع الدلالي ، كما إذا ورد : «أكرم الأمراء ولا تكرم زيدا الأمير» ؛ لتمانع المدلولين في «زيد الأمير» بالنفي والإثبات ؛ لاقتضاء الأمر بإكرام الأمراء