مطرد (١) في مثل الأدلة المتكفلة لبيان أحكام الموضوعات بعناوينها الأوّلية ، مع مثل الأدلة النافية للعسر والحرج والضرر والإكراه والاضطرار مما يتكفل لأحكامها بعناوينها الثانوية ، حيث (٢) يقدّم في مثلهما الأدلة النافية ، ولا تلاحظ النسبة بينهما أصلا (٣) ويتفق (٤) في غيرهما (٥) كما لا يخفى.
______________________________________________________
(١) هذا لا يخلو من تعريض بمختار الشيخ «قدسسره» القائل بحكومة أدلة نفي الضرر والحرج على أدلة الأحكام الأولية ، وقد نبّه المصنف عليه في قاعدة لا ضرر بقوله : «ومن هنا لا يلاحظ النسبة بين أدلة الأحكام ، وتقدم أدلته على أدلتها ، مع أنها عموم من وجه ، حيث إنه يوفق بينهما عرفا بأن الثابت للعناوين الأولية اقتضائي ... إلى أن قال : هذا ـ أي : التقديم ـ ولو لم نقل بحكومة دليله على دليله ؛ لعدم ثبوت نظره إلى مدلوله» فراجع.
(٢) تعليل لقوله : «وفّق بينهما بالتصرف» يعني : أن العرف يوفّق بينهما بأنه يقدّم في مثل العناوين الأولية والثانوية خصوص الأدلة النافية. ويحمل أحكام العناوين الأولية على الاقتضائية والثانوية على الفعلية ، من غير ملاحظة النسبة بينهما ، فيقدم دليل حكم العنوان الثانوي على دليل حكم العنوان الأولي. وإن كانت النسبة بينهما عموما من وجه.
وعليه : فيقدم دليل نفي الضرر على دليل وجوب الوضوء ، مع كون النسبة بينهما عموما من وجه ، ويحكم بعدم وجوب الوضوء الضرري.
ولو كان بين هذين الدليلين تعارض كان اللازم إجراء قانون التعارض في المجمع في المتعارضين بالعموم من وجه ، فعدم رعاية ضابط التعارض فيه دليل على خروجهما عن باب التعارض موضوعا.
(٣) غرضه : أن عدم لحاظ النسبة دليل على عدم كونهما متعارضين ، وإلّا كان اللازم ملاحظة النسبية بينهما وإجراء أحكام التعارض في مورد الاجتماع.
(٤) عطف على «مطرد» ، يعني : كما يتفق التوفيق العرفي بالتصرف في خصوص أحد الدليلين في غير أدلة أحكام العناوين الأولية والثانوية ، كما إذا كان أحد العنوانين بنظر العرف ـ ولو بمناسبة الحكم والموضوع ـ مقتضيا للحكم ، والآخر مانعا عنه نظير ما قيل من : «أكرم العلماء ولا تكرم الفساق» فإن العرف يقدّم حرمة الإكرام في العالم الفاسق على وجوب إكرام العلماء ؛ لما يراه من كون العلم مقتضيا لوجوب الإكرام ، والفسق مانع عنه ، مع عدم كون أحد العنوانين في طول الآخر كالعنوان الأوّلي والثانوي.
(٥) أي : غير العناوين الأوّلية والثانوية.