ويكون (١) مفاده في الأمارة نفي حكم الأصل ، حيث (٢) إنه حكم الاحتمال (٣) ، بخلاف (٤) مفاده فيه ؛ لأجل أن الحكم الواقعي ليس حكم احتمال ...
______________________________________________________
(١) بالنصب عطف على «يختلف» ومفسر له ، وضمير «مفاده» راجع على «دليل الاعتبار» ، وقد عرفت : مفاد دليل الاعتبار في كل من الأمارة والأصل ، وأن مفاد دليل اعتبار الأمارة ـ بناء على كونه إلغاء احتمال الخلاف ـ ينفي الاحتمال الذي هو موضوع الأصل ، فيكون حاكما عليه كما ذهب إليه الشيخ «قدسسره».
(٢) يعني : حيث إن حكم الأصل كالحلية حكم احتمال الحرمة.
وغرضه من هذه العبارة : بيان كون مفاد دليل الاعتبار في الأمارة نفي حكم الأصل كالحلية.
توضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ٥٠» ـ أن إلغاء احتمال خلاف الحرمة ـ التي هي قضية الأمارة ـ أعني به الحل الذي هو مفاد الأصل يوجب انتفاء احتمال الحرمة الذي هو موضوع أصالة الحل. بخلاف مفاد دليل الاعتبار في الأصل ، فإنه لا يكون مفاده فيه نفي حكم الأمارة أعني : الحرمة واقعا حتى يلغى احتمالها ؛ بل مفاده في الأصل نفي احتمال كون الحكم الظاهري في محتمل الحرمة واقعا غير حليّته كإيجاب الاحتياط. وهذا الدليل لا ينفي ما تقتضيه الأمارة من حرمة الشيء واقعا ، فلا نظر لدليل الأصل إلى الأمارة حتى يكون حاكما عليها.
وبالجملة : فبناء على مبنى إلغاء الاحتمال وتنزيل الظن منزلة العلم في حجية الأمارات تتجه حكومة الأمارات على الأصول.
(٣) يعني : أن احتمال الحرمة الواقعية لشرب التتن مثلا موضوع للحلية التي هي مفاد الأصل ، فإذا دلّت أدلة حجية الأمارة على كون الأمارة كالعلم بالواقع ارتفع احتمال الحرمة الذي هو موضوع الأصل وتبدّل بالعلم بها.
(٤) يعني : بخلاف مفاد دليل الاعتبار في الأصل ، حيث إن الحكم الواقعي كحرمة شرب التتن في المثال ليس حكم احتمال خلاف الأصل حتى ينفيه دليل الأصل ، ضرورة : أن الحلية التي هي مفاد الأصل حكم محتمل الحرمة ، فاحتمال الحرمة موضوع الأصل ، فلا يعقل أن ينفي به ، ودليل اعتبار الأصل ينفي احتمال حكم ظاهري آخر غير الحلية ـ كإيجاب الاحتياط ـ عن نفس هذا الموضوع أعني احتمال الحرمة ، كما قال به أصحابنا المحدثون.