.................................................................................................
______________________________________________________
وجواز الرجوع إلى الأصل ولو كان مخالفا لهما ، فالتعارض يوجب فرض كليهما كالعدم وكون المورد مما لا نص فيه.
الثاني : الحكم بالتوقف ، بمعنى : سقوطهما في المدلول المطابقي دون الالتزامي ، وجواز الرجوع إلى الأصل الموافق لأحدهما دون الأصل المخالف لهما.
الثالث : حجيّتهما معا.
الرابع : حجية أحدهما تخييرا.
الخامس : حجية الموافق للواقع منهما.
السادس : حجية أحدهما لا بعينه إلّا إن مختار المصنف هو هذا الاحتمال السادس.
ومحصل ما أفاده في وجهه : هو أن التعارض لما لم يكن موجبا لسقوط كلا المتعارضين عن الطريقية ؛ لعدم كونه موجبا للعلم بكذبهما معا حتى يسقط كلاهما عن الطريقية ؛ بل لا يوجب إلّا العلم بكذب أحدهما ، كان اعتبار الآخر الذي فيه مناط الحجية ـ وهو احتمال المطابقة للواقع ـ بلا مانع.
إلّا إنه لما كان ذلك غير متميز عمّا علم إجمالا كذبه ، مع احتمال انطباقه على كل واحد من المتعارضين فلا يشملهما دليل الاعتبار ، لأجل العلم بعدم صغروية كليهما له ، ولا يشمل أحدهما المعيّن ؛ لكونه ترجيحا بلا مرجح ، ولا أحدهما المخيّر ، لعدم فرديته للعام.
وببيان آخر : الوجه في حجية أحد المتعارضين بلا عنوان هو وجود المقتضي وفقد المانع.
أما وجود المقتضي : فلأن المقتضي لجعل الحجية للخبر هو غلية الإصابة نوعا ، وحيث إن كل واحد من المتعارضين جامع لشرائط الحجية لو لا التعارض ـ كان احتمال الإصابة موجودا في كل منهما ؛ إذ لا علم بكذب أحدهما المعين حتى يكون الساقط عن دليل الاعتبار خصوص معلوم الكذب.
وعليه : فالمقوم لحجية كل واحد ـ أعني احتمال الإصابة بالواقع ـ موجود ، ولا بد من ملاحظة مقدار مانعية المانع وأنه يمنع عن حجية أحدهما أو كليهما.
وأمّا فقد المانع عن حجية أحدهما : فلانحصار المانع في العلم الإجمالي بكذب أحدهما ، وهو لا يوجب سقوط كليهما عن الحجية بل يوجب سقوط أحدهما بلا عنوان ؛ وذلك لتساوي نسبة هذا العلم الإجمالي إلى كلا الخبرين ، إذ لا تعيّن لواحد منهما بحسب هذا العلم.