.................................................................................................
______________________________________________________
التساقط كحجيتها على الطريقية ، وقد أشار إلى حكم هذه الصورة بقوله : «فكذلك» يعني : فكما ذكرناه على الطريقية من سقوطهما في المدلول المطابقي ونفي الثالث بأحدهما ، وسيأتي تفصيل الكلام فيها في توضيح العبارة.
وأما الصورة الثانية : ـ وهي ما إذا كانت الأمارة كحدوث مصلحة أو مفسدة غير منحصرة في خصوص ما لم يعلم كذبه ؛ بأن كانت كل أمارة مقتضية لحدوث مصلحة أو مفسدة في المؤدى ـ ففيها صور ثلاث :
الأولى : أن يكون مدلولا الأمارتين متضادين ؛ كما إذا قامت إحداهما على وجوب الإزالة عن المسجد ، والأخرى على وجوب الصلاة مثلا. وحكم هذه الصورة حكم باب التزاحم من التخيير إن لم يكن أحدهما أهم ولو احتمالا.
والوجه في إجراء حكم التزاحم هنا هو : أن المقتضي للوجوب في كل واحد منهما ـ وهو قيام الأمارة على طبقه ـ موجود ، والمانع مفقود ؛ إذ المانع هو عجز المكلف عن امتثال كلا الخطابين. وهو نظير وجوب إنقاذ الغريقين المؤمنين ؛ فإن العجز عن إنقاذهما معا لا يوجب سقوط أصل الخطاب ؛ بل يقيد وجوب إنقاذ كل منهما بترك الآخر ، ونتيجته التخيير.
الثانية : أن تكون الأمارتان في موضوع واحد ، وكان مؤداهما حكمين إلزاميين كدلالة إحداهما على وجوب البقاء على تقليد الميّت والأخرى على حرمته ، فإن جعل الضدين في موضوع واحد يؤول إلى جعل المتناقضين باعتبار الدلالة الالتزامية. والحكم في هذه الصورة كسابقتها هو التخيير إن لم يكن أحدهما أهمّ من الآخر ولو احتمالا ، فإنه يقدم على ما ليس فيه هذا الاحتمال كما هو حكم المتزاحمين في جميع الموارد.
الثالثة : أن تكون الأمارتان في موضوع واحد ـ كالصورة الثانية ـ وكان مؤدى إحداهما حكما إلزاميا ، ومؤدى الأخرى حكما غير إلزامي ؛ كدلالة إحداهما على حرمة ذبيحة الكتابي ، والأخرى على حليتها ، وحكم هذه الصورة لزوم الأخذ بالحكم الإلزامي وطرح غيره ؛ لعدم المعارضة بين المقتضي واللامقتضي ، فإن الإلزامي ناش من المقتضي ، بخلاف غير الإلزامي ، فإنه ليس فيه المقتضي ؛ إذ يكفي فيه عدم تحقق مقتضى الإلزام.
هذا تمام الكلام في مقتضى القاعدة الأولية على كل من الطريقية والسببيّة في حجية الأمارات. توضيح بعض العبارات.