مقلديه ولا وجه (١) للإفتاء بالتخيير في المسألة الفرعية ؛ لعدم (٢) الدليل عليه (٣) فيها.
نعم (٤) ؛ له الإفتاء به في المسألة الأصولية ، فلا بأس حينئذ (٥) باختيار المقلد غير ما
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى الأثر الثاني ، وحاصله : أنه لا وجه لجواز الإفتاء بالتخيير في المسألة الفرعية كالتخيير بين حرمة شرب التتن وإباحته فيما إذا دل أحد الخبرين على حرمته والآخر على إباحته ؛ وذلك لأن الغالب في كل واقعة وحدة حكمها الواقعي تعيينا وندرة حكما تخييرا ؛ كالتخيير بين القصر والإتمام في مواطن التخيير. ومع تعيّن الحكم الواقعي يكون الإفتاء بالتخيير على خلافه ، وهو افتراء على الشارع ، فالحكم بالتخيير في المسألة الفرعية لا مسوغ له.
وعليه : فمورد التخيير هو حجية الخبرين ؛ لأن السؤال ناظر إلى ذلك حيث إن التحير في الحجية نشأ عن تعارضهما ؛ إذ لو لاه لكان كلاهما حجة ، فالجواب بقولهم «عليهمالسلام» «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» يراد به الأخذ بأيهما حجة وتسليما لأمر الشارع.
ومن المعلوم : أن التخيير في الحجية تخيير في المسألة الأصولية وليس تخييرا بين مضموني الخبرين حتى يكون تخييرا في المسألة الفقهية كي يفتي المجتهد في مثال شرب التتن بالتخيير بين الحرمة والإباحة.
(٢) تعليل لقوله : ولا وجه. وأما عدم الدليل. فلأن ظاهر الأخبار ـ كما مر ـ هو التخيير في الحجية التي هي المسألة الأصولية ولا دليل غيرها على التخيير.
(٣) أي : على التخيير في المسألة الفرعية. وضمير «فيها» راجع على «المسألة الفرعية».
(٤) استدراك على عدم جواز الإفتاء بالتخيير في المسألة الفرعية ، وإشارة إلى الأثر الثالث للقول بالتخيير.
وتوضيحه : أنه يجوز للمجتهد أن يفتي بالتخيير في المسألة الأصولية وهي حجية أحد الخبرين تخييرا ، ضرورة : أن المستفاد من أدلة التخيير هو التخيير في المسألة الأصولية فلا مانع من الإفتاء بذلك ، فيجوز للمقلّد ـ بعد أن قلّد مجتهده في هذه المسألة الأصولية ـ أن يختار غير ما اختاره المجتهد من الخبرين المتعارضين ، فإذا اختار المجتهد الخبر الدال على إباحة شرب التتن مثلا جاز للمقلّد أن يختار الخبر الدال على حرمته. نظير إجراء الاستصحاب في الموضوعات بعد أن قلّد مجتهده في حجيته فيها ، ولا دليل على لزوم متابعة المقلّد للمجتهد فيما اختاره بعد فرض متابعته في نفس الحكم بالتخيير في المسألة الأصولية.
(٥) أي : حين جواز الإفتاء بالتخيير في المسألة الأصولية. و «غير» مفعول «باختيار».