موجبة لكون الرواية مما يطمأن بصدورها ؛ بحيث يصح أن يقال عرفا : «إنها مما لا ريب فيها» (١) كما لا يخفى.
ولا بأس (٢) بالتعدي منه إلى مثله (٣) مما يوجب الوثوق والاطمئنان بالصدور ؛ لا إلى (٤) كل مزيّة ولو لم توجب إلّا أقربية ذي المزية إلى الواقع من المعارض (٥) الفاقد لها.
وأما الثالث (٦) : فلاحتمال أن يكون الرشد في نفس المخالفة ...
______________________________________________________
المنفي في الخبر المشهور إضافيا ـ مفقود ؛ لأن الرواية المشهورة في نفسها مما لا ريب فيه مطلقا ـ كما هو ظاهره ـ لما أفاده من «أن الشهرة في الصدر الأول بين الرواة ...» الخ ، والمفروض : أن الاستدلال به مبنيّ على عدم كون الرواية المشهورة في نفسها مما لا ريب فيه. وعليه : فلا وجه للتمسك به على التعدي ؛ لكون شهرة الرواية حينئذ من مميّزات الحجة عن اللاحجة.
(١) يعني : بنحو الاستغراق العرفي ، وضميرا «بصدورها ، أنها» راجعان إلى الرواية. وضمير «فيها» راجع إلى الروايات المستفادة من العبارة.
(٢) هذا إشارة إلى : أن التعدي من الشهرة الموجبة للاطمئنان بالصدور وإن كان صحيحا ؛ لكنه لا يجدي في إثبات المدعى وهو التعدي عن المرجحات المنصوصة إلى غيرها ، مما يوجب أقربية مضمون أحد الخبرين إلى الواقع ، فجواز التعدي عن الشهرة إلى غيرها مما يوجب أرجحية الصدور لا يثبت المدعى ، وهو جواز التعدي إلى كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع.
(٣) هذا الضمير وضمير «منه» راجعان إلى «الشهرة» ، وكان الأولى تأنيث الضميرين ؛ إلا أن يراد «الاشتهار» من الشهرة ، والأمر في التذكير والتأنيث بعد وضوح المطلب سهل.
(٤) عطف على «إلى مثله».
غرضه : أن التعدي الثابت غير مفيد ، والتعدي المفيد غير ثابت ؛ لما مر من : أن التعدي المفيد هو التعدي إلى ما يوجب الأقربية إلى الواقع ، وهو غير ثابت ، والتعدي الثابت هو التعدي إلى ما يوجب الاطمئنان بالصدور ، وذلك غير مفيد.
(٥) متعلق ب «أقربية» ، وكذا «إلى الواقع». وضمير «لها» راجع إلى «المزية».
(٦) أي : ثالث الوجوه التي استدل بها على التعدي عن المرجحات المنصوصة إلى غيرها ، وهو ما أشار إليه المصنف بقوله : «ولما في التعليل بأن الرشد في خلافهم».