.................................................................................................
______________________________________________________
المراد أن يكون الريب المنفي إضافيا لا حقيقيا.
وعليه : يصير الخبر المشهور مما لا ريب بالإضافة إلى غيره ، ولازم ذلك كان المدار في حجية أحد الخبرين المتعارضين هو قلّة احتمال المخالفة للواقع فيه ، وأقربية احتمال مطابقته له من احتمال مطابقة الآخر له ، فيتعدى من الشهرة حينئذ إلى كل مزية توجب أقربية ذيها إلى الواقع من الفاقد لتلك المزية.
٣ ـ الوجه الثالث : هو تعليلهم «عليهمالسلام» تقديم الخبر المخالف للعامة ب «إن الحق والرشد في خلافهم» ، والمراد من الرشد في خلافهم من جهة كونه في مخالفتهم غالبا لا دائما ، فمرجع التعليل حينئذ إلى أن مخالفة العامة مرجحة لكونها أقرب إلى الواقع غالبا ، فكل شيء يوجب هذه الأقربية يكون مرجحا وإن كان غير مخالفة العامة.
٤ ـ وأما ردّ الاستدلال بهذه الوجوه : أما الاستدلال بالوجه الأول من هذه الوجوه : فلأن الاستدلال المزبور على التعدي مبني على أن يكون تمام الملاك في جعل المرجحية هو حيثية الكشف والطريقية ؛ حتى يصح التعدي عنه إلى كل ما فيه هذه الحيثية ، وهذا الظهور في حيز المنع لاحتمال دخل خصوصية ذلك الشيء في المرجحيّة ، ومع هذا الاحتمال فاستناد التعدي إلى هذا الوجه غير صحيح.
وأما الإشكال في الوجه الثاني : فلأن الاستدلال لإثبات التعدي مبني على إرادة الريب الإضافي حتى يصح الاستدلال به على مرجحية كل ما يوجب قلّة الريب في الروايات ، مع إن الأمر ليس كذلك ؛ لأن الشهرة في الصدر الأول كانت بمعناها اللغوي وهو الظهور والوضوح ، فكان اشتهار الرواية موجبا للوثوق والقطع العادي بصدور تلك الرواية ، وهذا يوجب التعدي إلى ما يوجب الوثوق بالصدور ؛ لا إلى كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع كما هو المطلوب.
هذا مضافا إلى : أن الشهرة كذلك موجبة لتمييز الحجة عن اللاحجة ؛ لا مرجحة لحجة على مثلها ، فتخرج عن باب المرجحات وتندرج في باب تمييز الحجة عن اللاحجة.
٥ ـ وأما الإشكال في الوجه الثالث : فلأنه يحتمل في تعليلهم «عليهمالسلام» «بأن الحق والرشد في خلافهم» أن نفس المخالفة فيها جهة رجحان ؛ لا في كونها مطابقة للواقع غالبا ، ومن المعلوم : أنه على هذا الاحتمال لا يصح الاستدلال المذكور ؛ لعدم كشف المخالفة حينئذ عن مطابقة الخبر المخالف لهم للواقع ؛ بل في نفس مخالفتهم