ولا يخفى (١) : أن دلالة ...
______________________________________________________
التخصيص على النسخ ـ عند الدوران بينهما ـ هو غلبة التخصيص وندرة النسخ.
ثم إن الفرق بين النسخ والتخصيص ـ بعد وضوح وجوب العمل بالخاص المتأخر عن زمان العمل بالعام مطلقا سواء كان ناسخا أم مخصصا ـ هو : أنه بناء على التخصيص يكون الخاص كاشفا عن كون الحكم الواقعي هو مؤدى الخاص ، وأن العام لم يكن مرادا جدّيا من أول الأمر ، فإن لم يعمل بالعام لم يكن عاصيا ، بل متجريا ، لعدم عمله بما كان حجة عليه ظاهرا وهو العام.
وبناء على النسخ يكون العام حكما واقعيا ، فإن لم يعمل به كان عاصيا ، حيث إن النسخ عبارة عن رفع دوام الحكم وقطع استمراره ، فالعام مراد جدي للشارع ما لم يرد ناسخ له ، ومع ورود الناسخ يرتفع استمرار حكم العام ، نظير الأحكام الموقتة المرتفعة بخروج أوقاتها ؛ بل الحكم المنسوخ منها حقيقة. فمع فرض كون العام من الموقتات التي يجب قضاؤها بعد خروج أوقاتها يجب قضاؤها بناء على النسخ ، لأن الواجب الواقعي فات عنه في وقته فوجب عليه قضاؤه. ولا يجب قضاؤها بناء على التخصيص ؛ لعدم الوجوب واقعا للعام.
والحاصل : أن غلبة التخصيص على النسخ في المحاورات تلحق المشكوك بالغالب وهو التخصيص.
وكيف كان ؛ فالمعروف تعليل ذلك بشيوع التخصيص وندرة النسخ.
(١) هذا إشكال على الوجه المزبور : وهو غلبة التخصيص على النسخ الذي جعله الشيخ وغيره وجها لترجيح التخصيص على النسخ في الصورتين المذكورتين في المتن.
ومحصل الإشكال هو : أنه بناء على الوجه المذكور ذكر في تقديم التقييد على التخصيص ـ من كون ظهور العام في العموم تنجيزيا وظهور المطلق في الإطلاق تعليقيا ـ يلزم تقديم النسخ في المقام على التخصيص ؛ لأن دلالة كل دليل على الاستمرار تكون بالإطلاق ، فالدلالة على الاستمرار تعليقية لكونها بالمقدمات ، لا تنجيزية ؛ لعدم كونها بالوضع ، فإذا دل دليل بالوضع على قطع ذلك الاستمرار قدم ذلك الدليل عليه ؛ لكونه بالوضع قاطعا للاستمرار ومانعا عن تحقق الإطلاق المنوط بعدم البيان ؛ لكون الدليل القاطع للاستمرار بيانا. فإذا ورد «أكرم زيدا الشاعر» وبعد حضور وقت العمل به ورد «لا تكرم الشعراء» فإن دلالة الخاص على استمرار وجوب إكرام زيد الشاعر تكون بالإطلاق لا بالوضع ، ودلالة حرمة إكرام كل شاعر من زيد وغيره من الأفراد تكون