فإنه يقال (١) : إن المعلوم عدم إرادة العموم ؛ ...
______________________________________________________
التخصيص ، وهذه الفائدة المهمة تترتب على استعمال العام في العموم.
ويشهد بذلك حجية العام ـ بالاتفاق ـ في تمام ما بقي بعد التخصيص ؛ إذ مع فرض عدم الاستعمال في العموم لا وجه لحجيته في تمام الباقي ؛ لاحتمال عدم كون المستعمل فيه تمام الباقي ؛ بأن يكون هو بعض مراتب الباقي.
وبعبارة أخرى : العام ظاهر ـ بمقتضى وضعه أو قرينة المراد ـ في استيعاب جميع أفراده ، وحيث إن المخصّص القطعي أو الظني منفصل عنه حسب الفرض ، فلا ينثلم أصل ظهوره في الاستغراق ؛ لعدم انقلاب الشيء عمّا وقع عليه ، وإنما يكون الخاص مزاحما لحجية العام في مقدار دلالته ، فيرجع إلى العام في غير ما أخرجه الخاص ، ولا تنقلب النسبة بين العام بعد التخصيص وبين الخاص الآخر ؛ لبقاء ظهور العام على حاله وإن لم يكن حجة في مدلول الخاص الأول.
ولو فرض انهدام أصل ظهور العام بعد التخصيص بالمخصص المنفصل ـ كتخصيص «أكرم الأمراء» ب «لا تكرم فساق الأمراء» ، وصيرورة العام مجازا ـ امتنع التمسك به في الشك في التخصيص الزائد ؛ لكون العام مجملا حينئذ وعدم كونه كاشفا عن المراد الجدّي ؛ لتعدد مراتب المجاز ، فيحتمل إرادة تمام الباقي بعد التخصيص أعني به إكرام الأمراء العدول ، كما يحتمل إرادة بعض المراتب كإكرام الأمراء العدول الكوفيين أو إكرام الأمراء العدول الشعراء ، وحيث إنه لا معيّن لتمام الباقي بعد المخصّص الأول فهو مجمل لا يصح التمسك به في الشك في التخصيص الزائد.
فإن قلت : أصالة عدم مخصص آخر محكمة ، وتدل على نفي التخصيص المشكوك فيه ومعه لا يصير العام المخصص مجملا ؛ يتعين المراد منه في تمام الباقي ببركة هذا الأصل.
قلت : أصالة عدم مخصص آخر قاصرة عن إثبات إرادة تمام الباقي من العام ؛ وذلك لأن هذا الأصل لا يعيّن المراد من العام المخصص ، فإن إرادة تمام الباقي مترتبة على ظهور نفس العام في الباقي وحجيته فيه ، وحيث إن المفروض اقتضاء التخصيص للمجازية وتفاوت مراتب المجاز ، فلا وجه لإرادة تمام الباقي من الباقي حتى يلاحظ مع الخاص الآخر.
(١) توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية :
قوله : «فكيف يكون ظاهرا فيه» يعني : فكيف يكون العام ظاهرا في العموم مع عدم استعماله فيه؟ قد تقدم توضيح هذا الجواب فراجع.