لاتعاب النفس (١) في بيان أن أيّها يقدّم أو يؤخّر إلّا (٢) تعيين أن أيها يكون فيه المناط في صورة مزاحمة بعضها (٣) مع الآخر.
وأما (٤) لو قيل بالاقتصار على المزايا المنصوصة فله (٥) وجه ؛ لما يتراءى من ذكرها
______________________________________________________
من أيّ سبب حصل ، فلا وجه حينئذ لإتعاب النفس في أن أيّها يقدّم أو يؤخذ ؛ إذ المرجح حقيقة هو الظن بالصدور أو الأقربية من دون دخل الخصوصية المزايا.
(١) من جماعة من المحققين كالوحيد البهبهاني والشيخ الأنصاري وبعض تلاميذه «قدس الله أرواحهم الطاهرة» ، فإنهم أتعبوا أنفسهم في بيان الترتيب بين المرجحات بعد تقسيمها إلى المرجح الصدوري والجهتي والمضموني ؛ بتقديم الصدوري على الجهتي لتأخر جهة الصدور رتبة عن أصل الصدور ، بتقديم المرجح المضموني على الجهتي.
(٢) استثناء من قوله : «فلا وجه لإتعاب النفس».
غرضه : توجيه ما تعرّضوا له من ترتيب المرجحات بعد نفي الوجه في اعتبار ترتيبها بناء على التعدي عن المزايا المنصوصة بمناط الظن.
ومحصل توجيهه : أن بيان ترتيب المرجحات لا وجه له إلّا تعيين المزية التي توجب الظن الذي هو مناط التعدي في صورة تزاحم بعض المرجحات مع بعضها الآخر كموافقة أحد الخبرين للشهرة ، ومخالفة الآخر للعامة وهكذا ، فيمكن أن يقال : إن مخالفة العامة في صورة المزاحمة للشهرة توجب الظن دون الموافقة للشهرة.
(٣) أي : مزاحمة بعض المرجحات مع البعض الآخر.
(٤) عطف على «لو قيل» ، والأولى أن يقال : «بخلاف ما لو قيل بالاقتصار على المزايا المنصوصة ، فإن له وجها».
وكيف كان ؛ فالغرض من هذه العبارة : بيان حال ترتيب المرجحات ـ من حيث الاعتبار وعدمه ـ بناء على الاقتصار على المرجحات المنصوصة وعدم التعدي إلى غيرها.
وتوضيح ما أفاده هو : أنه بناء على عدم التعدي يمكن الالتزام بالترتيب بين المرجحات استنادا إلى ذكرها بالترتيب في المقبولة والمرفوعة ، حيث إن المذكور في المقبولة ابتداء صفات الراوي من الأعدلية والأفقهية والأصدقية والأورعية ، ثم الشهرة ، ثم موافقة الكتاب والسنّة ، ثم مخالفة العامة ، وفي المرفوعة ابتداء الشهرة ، ثم صفات الراوي ثم مخالفة العامة ، ثم موافقة الاحتياط.
(٥) أي : فلاعتبار الترتيب وجه. وقوله : «لما يتراءى» بيان للوجه ، وقد تقدم توضيحه بقولنا : «حيث إن المذكور في المقبولة ابتداء ...» الخ ، وضمير «ذكرها» راجع إلى «المزايا».